الرئيسية / ذوو ضحايا "مجزرة الناصرية" الأخيرة يخشوّن التسويف: الحكومة تغاضت عن إعدامات جماعية

ذوو ضحايا "مجزرة الناصرية" الأخيرة يخشوّن التسويف: الحكومة تغاضت عن إعدامات جماعية

بعد مضي أكثر من شهر على وقوع ما عرف محلياً وقتها بــ"مجزرة الناصرية"، عندما سقط عدد من المتظاهرين بين قتيل وجريح إثر صدامات مع القوات الأمنية في التظاهرات التي شهدتها المدينة خلال الفترة 22 – 27 شباط الماضي، لم تقدم اللجنة التحقيقية التي شكلها رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي في الثامن والعشرين من الشهر ذاته، تقريرها بعد ولم تحمل أحداً مسؤولية أو تقصير في ماجرى.
ويرى المهتمون وذوو الضحايا أن هذا "الصمت المطبق" ما هو إلا محاولة لـ"التسويف وتهرب من إحقاق العدالة"، ويستدلون بذلك على حوادث سابقة مماثلة رافقت تظاهرات تشرين 2019.
قطاف قبل أوانه
ولم يدر بخلد عبد المهدي الحسناوي، أن يعود إليه ولده حيدر ذو الـ17 عاماً، قتيلاً مضرجاً بدمه يوم "المجزرة"، بعدما هرع لإسعاف صديق له قتل في تظاهرات المدينة الجنوبية المطالبة بإصلاح الأداء الحكومي ومحاسبة المسؤولين المحليين الفاسدين.
وبنبرة يغلب عليها طابع الحزن والأسى، يقول الحسناوي، لـ"إيجاز"، إن ابنه حيدر "لم يرتكب جرماً يستحق عليه القتل سوى المطالبة بحقوقه التي كفلها الدستور"، وإن ذنبه الوحيد هو محاولة إخلاء زميله الذي سقط بنيران مجهولة.

ويصر هذا الوالد المفجوع على أن "حيدر أعدم بواسطة اطلاقات نارية من مسدد شخصي على جسر النصر وسط ذي قار، ما يعني أن الجريمة ارتكبت قصداً"، مطالباً حكومة الكاظمي وأجهزتها الأمنية بـ"سرعة الكشف عن الجناة الذين اوغلو بدم الأبرياء في المدينة المطالبة بحقوقها ومنع التستر عليهم".
ويعتقد أبا حيدر أن "قيام عناصر أمن بقتل المتظاهرين ليس أمراً مستغرباً في العراق، فالمؤسسة الأمنية مخترقة وتدين بولاءات سياسية لصالح الأحزاب الحاكمة".
ويضيف والد القتيل وهو يسمح دموعه من عينيه، ان "كل المتصدرين للمشهد السياسي ليس لديهم رحمة، ولا وازع إنساني، ويواجهون الشباب المطالبين بالإصلاح بالقتل والرصاص الحي".
ويقول: "نحن كعوائل شهداء سنبقى نبحث عن المجرمين الذين قتلوا أبناءنا، ولن نسكت أو نهدأ حتى نراهم في قفص الاتهام". 
ومنذ انطلاق الحراك الشعبي المندد بسياسة الأحزاب الحاكمة في العراق مطلع تشرين الأول/أكتوبر 2019، ونجاحه في الإطاحة بحكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي أواخر العام الماضي، أصبحت محافظة ذي قار ومركزها الناصرية بؤرة احتجاجات نشطة تتجدد بين الحين والأخر، آخرها كانت التظاهرات الغاضبة التي انطلقت بين 22-27 شباط 2021، والتي طالبت بإقالة محافظ ذي قار ناظم الوائلي بعد سقوط 6 قتلى من المحتجين و 363 جريحاً من المتظاهرين والقوات الأمنية، قبل أن يكلف رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، رئيس جهاز الأمن الوطني عبد الغني الأسدي بتولي المنصب مؤقتاً لحين تسمية شخص آخر لم يحصل توافق بشأن هويته حتى الآن.
اعتقال متورطين وتحذيرات من التسويف 


وفقاً لمصادر أمنية رفيعة المستوى فإن "لجنة التحقيق التي شكلها القائد العام للقوات المسلحة لكشف ملابسات ما حدث في تظاهرات 26 شباط/ فبراير أمام مبنى ديوان محافظة ذي قار، أثبتت تقصير ضابط في شرطة ذي قار ومعه بعض الضباط برتب أدنى منه ومنتسبين باستخدام العتاد الحي، أثناء فض الاحتجاجات بأوامر فردية صدرت من قبل ذلك الضابط، على الرغم من وجود قرار وأمر قطعي من القائد العام للقوات المسلحة بعدم استخدام السلاح مطلقاً".
وأشار مصدر أمني إلى "اعتقال جميع المتورطين وإيداعهم التوقيف"، لافتاً إلى أن إن "ضغوطاً سياسية تمارس حالياً من أجل إطلاق سراح ضابط برتبة عقيد (ضمن الموقفين على ذمة هذه القضية) وتبرئته بسبب قربه من وزير في حكومة الكاظمي"، دون أن يفصح عن مزيد من المعلومات.
وبموازاة ذلك، يحذر أعضاء في لجنة الأمن والدفاع النيابية من مغبة "تسويف" مطالب الشعب العراقي و"الاستهزاء" بدماء الأبرياء.
 وفي هذا الإطار، حذر عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي، عباس صروط من استخدام ملف قتل المتظاهرين كورقة سياسية قبيل إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة التي حددت في العاشر من تشرين الأول/ 2021، قائلاً إن "دماء العراقيين يجب أن تكون في مقدمة اهتمامات المتصدين". 
ويطالب النائب صروط خلال حديثه لـ"إيجاز"، رئيس الحكومة بـ"سرعة إعلان نتائج اللجنة التحقيقية التي شكلتها الحكومة عقب الانهيار الأمني الذي شهدته المدينة".
نفي حكومي
ما يروج في بعض الأوساط عن "ترحيل ملف كشف قتلة المتظاهرين إلى الحكومة المقبلة" ينفيه مصدر مسؤول في رئاسة الحكومة، مشيراً إلى عدم وجود ما يسميها "تسوية سياسية بين الكاظمي والمتهمين وفصائلهم المسلحة".
المصدر المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه لحساسية الموضوع، أكد في اتصال هاتفي مع "إيجاز" إنهاء اللجنة التحقيقية لأعمالها وتقديمها تقرير مفصل إلى رئيس الوزراء، "لكن الأخير طلب التعمق في التحقيق والتأكد من اسماء المتورطين بشكل صريح وواضح".
ويقول إن "الحكومة عازمة على استكمال التحقيقات والكشف عن الجناة مهما كانت انتماءاتهم" .
 وفي معرض رده حول أسباب عدم إشراك محققين دوليين في ملف التحقيق بحوادث القتل التي رافقت تظاهرات تشرين وصولاً إلى ما جرى الناصرية، أوضح أن "لدى الحكومة رغبة حقيقية بالاستعانة بمحققين دوليين في مجريات التحقيق، لكن القانون العراقي لا يسمح بذلك".


7-04-2021, 00:09
المصدر: https://ejaz-news.iq/18--.html
العودة للخلف