أحمد هادي- بغداد
غيرت جائحة كورونا مسار مهنة المتاعب في كل العالم، والقت بضلالها على طرق صناعة المحتوى والمعلومة، وصولا الى تقليص حجم المؤسسات الاعلامية وتحويل جزء من العاملين الى العمل من المنزل بدلا من المكتب فضلا عن فقدان العشرات لمهنتهم بسبب ظروف الجائحة والتغييرات الاقتصادية التي طرأت منذ بدء الجائحة.
في العراق؛ كانت شريحة الصحافيين من الاكثر الشرائح تضررا جراء الجائحة، خاصة المؤسسات المستقلة التي تعتمد في تمويلها على رجال الاعمال او الاعلانات، ووفقا لمرصد الحريات الصحفية فان اكثر من 80 صحفيا فقدوا وظائهم في العام 2019، بالاضافة الى اغلاق اكثر من 9 مؤسسات اعلامية بين فضائية ومواقع اخباري وصحيفة.
ويقول الصحافي حاتم السعدي ان "كورونا احدثت توجها جديدا في طريقة ونوع العمل، فاغلب المؤسسات حولت جزء من مؤسساتها الى العمل اون لاين، بالاضافة الى تقليص عدد من المؤسسات لعدد العاملين فيها"، مستدركا بالقول "في العراق لا حقوق للصحافيين لعدم وجود عقوبات رادعة وحقيقة بحق المؤسسات الاعلامية التي استسهلت طرد الصحفيين دونما اي مبررات".
وفي استطلاع نشره المركز الدولي للصحافة والصحفيين -ومقره العاصمة الأميركية واشنطن-ذكر ان 17% من المشاركين المطلعين على الخسائر المالية في مؤسساتهم الإعلامية بأن إيراداتها انخفضت بأكثر من 75% منذ بداية الجائحة، بينما ذكر 43% أن الإيرادات انخفضت إلى أكثر من النصف.
وأجاب 89% من المستطلعين أن مؤسساتهم الإعلامية اتبعت إجراءات تقشف على صلة بالجائحة، مثل: إنهاء عقود العاملين، وتخفيض الرواتب، وإغلاق منافذ البيع.
كما اعتبر 76% من المستجوبين أن الحاجة الأكثر إلحاحا في الوقت الراهن هي التمويل اللازم لتغطية التكاليف، بما في ذلك رواتب العاملين، بينما اعتبر 67% أن التدريب على تقنيات العمل الصحفي عن بعد هو الأكثر أهمية.
ورأى الاستطلاع 67% أن ثمة ضرورة للمزيد من التدريب على تقنيات التحقق من الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة، وطالب 66% بأن يشمل التدريب تقنيات إعداد التقارير الصحفية الطبية والعلمية.
ويقول الصحافي مروان حبيب، الذي فقد لمرتين عمله منذ بدء الجائحة ان " نتيجة لغياب دور المؤسسات الحقوقية المسؤولة عن حماية الصحافيين، فقدت عملي لمرتين خلال فترة الوباء، بعد قيام المؤسسات باجبارنا على الاستمرار بالدوام الرسمي رغم غياب وسائل النقل والحماية الصحية والتامين المنصوص عليه قانونيا، وغير مطبق فعليا، الامر اقترن مع تقليل الاجور بذريعة تراجع ساعات الدوام الرسمي، ولاحقا، تم تقليل الكوادر الصحفية في المؤسسات الاعلامية بعد استخدامها الوباء كذريعة لتقليل الرواتب والكوادر وابقاء الصحفيين المضطرين فقط للعمل بساعات عمل طويلة ومهام متعددة، واجور ضعيفة".
ويتجدث م.ج عن تجربته في المهنة مع جائحة كورونا قائلا "المؤسسات الاعلامية تملك طمانينة تامة بعدم تاثرها قانونيا من اي خرق لحقوق العاملين الصحفيين فيها، وعليه، فمن المعتاد والطبيعي جدا ان تجد تلك المؤسسات تستغل الصحفيين لتمشية امورها لفترة، قبل اخراجهم من العمل دون سابق انذار، وبهدف استبدالهم بموظفين غير مختصين وباجور ضئيلة، الامر ببساطة انك كصحفي لا يمكن لك ان تعمل في اي مؤسسة، دون ان تاخذ بنظر الاعتبار احتمالية الغاء توظيفك دون سابق انذار، بمجرد ان تتمكن الوسيلة من تمشية امورها باستخدام المتدربين الذين قمت انت بتدريبهم".
وكان مجلس النواب العراقي اقر في التاسع من اب 2011 قانون حماية الصحافيين بعد جدال بين الصحافيين العراقيين استمر لعدة سنوات تمثل برفض المؤسسات الدولية المدافعة عن حقوق الصحافيين لهذا القانون، باعتباره محددا للعمل الصحفي في العراق ولفتت الوزارة الى "وجود 10 قوانين تتعلق بالأعلام والحريات في البرلمان العراقي يمكن ان يؤدي اقراراها الى تقدم في هذا المجال مثل قانون حرية التعبير عن الرأي، وقانون الشبكة الإعلامية في العراق، وقانون الاتصالات، وقانون جرائم الإنترنت".
ويعد العراق واحداً من أخطر البلدان في ممارسة العمل الصحافي على مستوى العالم حيث شهد مقتل ما يزيد على 360 صحفياً وإعلامياً منذ سقوط النظام السابق في العام 2003 اعتبرت وزارة الخارجية البريطانية، العراق واحدا من أسوأ دول العالم بمجال حرية التعبير عن الرأي”، فيما اشارت الى وجود بعض الفقرات المبهمة في قانون حماية الصحافيين، أكدت أن القوانين الصادرة مؤخرا بمجال الحريات والاعلام تتضمن أحكاما غير متوافقة مع بعضها.
وبحسب تقرير لمؤسسة النبأ فان الازمة المالية التي اجتاحت العراق ومنذ 2014 تركت تأثير سلبيا على العمل الصحفي في العراق وقد ادى اغلاق عدد من المؤسسات الاعلامية في العراق بسبب وقف التمويل او بسبب عدم تسديد المستحقات المالية التي بذمة مؤسسات والدوائر الحكومية الى المؤسسات الاعلامية الى تعرض عدد من الصحفيين الى الطرد التعسفي حيث طال الاغلاق المؤسسات الاعلامية المستقلة فقط دون الحزبية او الحكومية مما أسهم في تحجيم الاعلام العراقي المستقل الذي يعمل في ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد.
تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.