بغداد- أحمد هادي
خسر العراق الملايين من النخيل جراء التجريف الذي يحصل في القرى والمناطق الزراعية بعيدا عن اعين السلطات ووزارة الزراعة التي تقول بانها لا تمتلك صلاحيات لمنع عمليات تجريف البساتين، وفي اخر 10 سنوات خسر بغداد وحدة نحوها مليون نخلة جراء التجريف وفقا للخبير الزراعي رائد موسى.
وتقول وزارة الزراعة، بأنها ليست مخولة لإيقاف عمليات تجريف البساتين والأراضي الزراعية وتحويلها إلى سكنية وتجارية، بالرغم من أنها تعد مخالفة قانونية. وتضيف بان "أغلب عمليات التجريف وتحويل جنس الأراضي الزراعية إلى سكنية أو صناعية أو تجارية يتم خارج السياقات القانونية والموافقات الرسمية".
وفي شباط2019 وجهت وزارة الزراعة، بتفعيل قوانين منع تجريف البساتين وتشديد الإجراءات من قبل الجهات، واعتبار البساتين المهملة التي لم يعتنِ بها أصحابها محلولة وتسجل مملوكة للدولة، لكن للآن لم يتوقف تجريف الأراضي الزراعية وتحويلها إلى سكنية.
في مطلع الثمانينات، كانت أشجار النخيل في العراق تقارب 30 مليون شجرة. وكان العراق ينتج أكثر من 500 ألف طن من التمور سنويا، تتوزع على أكثر من 624 صنفا بعضها من الأجود عالميا. واليوم، يختلف الوضع تماما. انخفض نخيل العراق إلى النصف، نتيجة الحروب المتواصلة وضعف الاهتمام الحكومي وتوالي سنوات الجفاف والتوسع العمراني على حساب المناطق المزروعة.
وتقول صحيفة لوس انجلوس تايمز الأميركية إن عدد الأشجار في البصرة وما حولها في 1979 كان نحو 7 ملايين، وبعد عقد من الزمن انخفض إلى 3 ملايين فقط. في 2011، وفي مسعى لدعم القطاع الزراعي خصصت الحكومة العراقية مبلغ 150 مليون دولار لرفع الإنتاج العراقي من التمور بثلاثة أضعاف بحلول في 2021. لكن جميع هذه الخطط صفت جانبا عقب ظهور تنظيم داعش. قام التنظيم نفسه بتحويل شبكات المياه، وقطع الطرق. ورافق ذلك هجرة مئات الفلاحين لمزارعهم هربا.
وفي تموز 2022 دعا رئيس الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية التعاونية في العراق، حسن نصيف التميمي، ، رئاسات الحكومة والبرلمان والقضاء، إلى التحرك لمنع تفاقم ظاهرة تجريف البساتين، مؤكداً أن هذه الظاهرة أثرت سلباً البلاد.وقال التميمي إن "تجريف البساتين أصبح منتشراً بشكل واسع في عموم المحافظات العراقية ومنها العاصمة بغداد، ما سيؤثر سلباً على مناخ العراق".
ولم تسلم منطقة الدورة جنوبي بغداد كحال العشرات من البلدات والقى من عمليات التجريف حيث تم تجريف ما يقارب (12) بستاناً فيها، وفقا لتقرير نشرته صحيفة النهار.. ففي بابل جرى تجريف نحو 20 بستاناً، وفي الديوانية وتحديداً في ناحية (السنّية) نحو 33 دونماً زراعياً. أما في كربلاء فقد طالت عمليات التجريف عشرات البساتين ولا تزال مستمرة في المحافظة.
ودعت لجنة الزراعة النيابية العراقية الحكومة الى وضع حد لهذه العمليات ومحاسبة القائمين عليها، وقال عضو اللجنة جمال الشبلي لـ"النهار العربي" إن عمليات تجريف البساتين في بغداد والمحافظات "تعدّ أمراً غير صحيح وعلى الحكومة محاسبة المتسببين بها، لأن العراق يعتمد على الزراعة بنسبة 60 في المئة من حاجته، وبالتالي فإن تجريف هذه البساتين وتحويلها قطعاً سكنية ومباني عقارية غير مقبول"، لافتاً الى أن "اللجنة بصدد وضع خطة لمكافحة التمدّد العقاري".
ويعلّق الخبير الاقتصادي يوسف العاني على ذلك بقوله إنه "في الوقت الذي تعاني البلاد من ظاهرة التصحر، يتم تجريف هذه البقع الخضراء لتحويلها مبانيَ سكنية وتجارية"، متوقعاً أن "تختفي بعد 10 أعوام الأراضي الزراعية في أحزمة بغداد، لذا على الجهات المعنية أن تتحرك من أجل إيقافها ومحاسبة من يقومون بذلك".
واشار الى ان "هناك عمليات تجريف للبساتين في الكوفة، وهذا يدل على جهل البعض، وضعف تطبيق القانون، وطالبنا سابقا وبشكل متكرر بتشريع قانون يُجرّم تجريف البساتين وقلع الأشجار، وفي حال لم تتخذ الحكومة إجراءات حاسمة بهذا الصدد ستتفاقم المشكلة، وهذا ما نلاحظه في محافظات بابل والنجف وكربلاء من تجريف للبساتين".
ويرى التميمي ان هناك "تناقض من قبل الحكومة حيث رصدت أكثر من خمسة مليارات لغرض انشاء أحزمة خضراء حول المدن، وفي الوقت نفسه يتم تجريف البساتين، فهي ترصد الأموال للزراعة ومن ناحية أخرى يتم تجريف البساتين".
وتبلغ نسبة مساحة الغابات الطبيعية والاصطناعية 1.6% فقط من مساحة العراق الكلية، بحسب إحصائية أعدّها الجهاز المركزي للإحصاء في عام 2020. والإحصائية نفسها أكدت أن 69% من مساحة العراق تعد "أراضٍ متدهورة" لأن 15.6% منها "متصحرة" و53.9% أراضٍ مهدّدة بالتصحر.
ويحتاج العراق إلى 14 مليار شجرة لإحياء المناطق التي تعاني من التصحر، والحفاظ على بيئته من التغيرات المناخية، وفقاً لوزارة الزراعة العراقية.في الوقت الذي يصنف فيه العراق الأول عالميا المتأثر بالتغيرات المناخية مما ينذر بجفاف كبير، ويعد من أكثر البلدان تضررا من ناحية شح المياه والأمن الغذائي.
التقرير بدعم من صندوق الأمم المتحدة للديمقراطية UNDEF ومؤسسة صحفيون من أجل حقوق الإنسان jhr