كشفت صحيفة الواشنطن اكسامنر الامريكية عبر تحليل نشرته اليوم الجمعة، الصفقة التي عقدت بين بغداد واربيل واستئناف ضخ النفط من الإقليم الى سوق النفطي الدولي بانها "خطا كبير"، مشيرة الى ان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني "أضاع فرصة تاريخية" لتحجيم "فساد عائلة برزاني"، بحسب وصفها.
وأوضحت الصحيفة عبر التحليل، ان عائلة البرزاني ومن خلال السيطرة على مقدرات النفط التي وصلت الى 22 مليون دولار يوميا، تمكنت من توسعة نفوذها على حساب الأحزاب المنافسة الأخرى واستخدمت الدعم الأمريكي لــ "تقويض سلطة بغداد والسيطرة على موارد إقليم كردستان"، معلنة بان ما يزيد عن 70% من رواتب موظفي الإقليم لا يتم دفعها من قبل حكومة برزاني وينتهي بها المطاف في "حسابات بنكية واعمال خاصة بالعائلة".
الصحيفة قالت أيضا ان عملية إيقاف تصدير النفط وعجز حكومة برزاني عن تسديد الديون للشركات الدولية كان من المفترض ان يتم "استخدامه" من قبل الحكومة في بغداد لاقصاء نفوذ عائلة برزاني وإيقاف "فسادها"، موضحة "لم يسبق في تاريخ العراق ان يدخل رئيس وزراء الى طاولة المفاوضات مع عائلة برزاني بعوامل قوة كهذه، ولم يسبق لعائلة برزاني ان التزمت بكلمة او وعد اطلقته للحكومة"، مشيرة الى ان السوداني ارتكب "خطا" في الرابع من ابريل حين وقع على اتفاقية ضمنت إعادة النفط من إقليم كردستان الى السوق العالمي، وبالتالي انقاذ العائلة من مصير قالت انه محقق.
وفي اطار إيضاح ذلك المصير اكدت الواشنطن اكسامنر ان السبب الوحيد لاستمرار عائلة برزاني بالسلطة هو "امتلاكها المال"، مشددة "اتباع عائلة برزاني يدينون بالولاء لهم فقط مقابل المال، الامر الذي كان سينتهي كليا لو عجزت عائلة برزاني عن دفعه لهم نتيجة لعدم قدرتها على تصدير النفط"، تلك النتيجة قالت انها كانت فرصة لــ "تحرير" الإقليم من سيطرة العائلة.
التحليل بين أيضا ان عائلة "حاولت وبكل الطرق عبر المراحل السابقة تقويض سلطة الدولة العراقية والسيطرة على الإقليم بشكل كامل عن طريق استهداف المنافسة واحتكار قيادة اكراد العراق"، مشيرة الى الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في الضغط على السلطات العراقية المتعاقبة ومنها حكومة السوداني، للاستمرار بدعم عائلة برزاني كاحد عوامل "نشر الفساد" في العراق.
الصحيفة قالت ان الولايات المتحدة شاركت بشكل فاعل في "قمع الشعب الكردي واستهداف المنافسين السياسيين لعائلة برزاني"، من خلال الأموال التي تقدمها لدعم قوات البيشمركة الخاصة بالعائلة، والتي وصلت الى نحو ربع مليار دولار سنويا، وتستخدمها عائلة لــ "افتراس العامة" في إشارة الى الشعب الكردي.
الدور الأمريكي والذي قالت الصحيفة انه تضمن "ضغطا" مورس على حكومة السوداني لاعادة ضخ النفط الذي تسيطر عليه عائلة برزاني، اتى بالتزامن مع "تكرار الولايات المتحدة ادانتها للخروقات الإنسانية التي تقوم بها العائلة ضد الشعب الكردي"، بحسب وصفها، معبرة عن التناقض بين السياسة الامريكية المعلنة ضد خروقات عائلة برزاني، وما يقابها من دعم على الأرض لذات العائلة.
العلاقة بين عائلة برزاني والولايات المتحدة وتضارب تفاصيلها بين المعلن والسري عبرت عنه الصحيفة من خلال كشفها عن قيام القنصل الأمريكي في أربيل بــ "حذف تغريدة لتقرير امريكي يكشف عن خروقات عائلة برزاني ضد حقوق الانسان والمعارضين الاكراد عقب شكوى قدمت من برزاني للإدارة الامريكية"، استجابة واشنطن فسرها برزاني بحسب الصحيفة على انها "ضعف امريكي" اقترن باصرار إدارة بايدن على إعادة نفط الإقليم الى السوق من خلال الضغط على السوداني، مبينة، ان هذه العوامل مجتمعة خلقت تصورا لدى عائلة البرزاني بان الغرب بشكل عام، والولايات المتحدة "لا يمكن ان تستغني عنهم"، بحسب وصفها.
وقالت الصحيفة أيضا، ان تفويت السوداني الفرصة التي كانت مواتية للقضاء على فساد عائلة برزاني بشكل كامل، قد انتهت الان بعد اجتماع واتفاق الرابع من ابريل، في إشارة الى الصفقة النفطية التي اعادت ضخ النفط من الإقليم الى ميناء جيهان التركي مرة أخرى، مشددة على ضرورة ان "تنتهي عملية التاجيل والمماطلة في جهود مكافحة الفساد".
وتابعت في رسالة غير مباشرة الى السوداني "يجب ان تنتهي فترة الحلول المؤقتة والقصيرة الأمد، الحلول والإصلاحات الأساسية والضرورية هي السبيل للامام، وتقوية عائلة برزاني الان مع مساعيهم لتهميش القوى الكردية الأخرى هو تكريس للفساد وتعبيد لطريق الدكتاتورية"، على حد وصفها.
وأنهت الصحيفة تحليلها بالتأكيد "سيدفع العراقيون جميعهم ثمن هذه الصفقة، لن يكون هنالك استقرار في العراق طالما تدعم الولايات المتحدة الفساد وتشجعه على حساب الإدارة القويمة"، متابعة "الولايات المتحدة تدعم الان افراد، عوائل وشخصيات وأحزاب ترى بان طريقها الى القوة والسيطرة يمر عبر فشل العراق، وليس نجاحه".
من "بغداد اليوم".