الرئيسية / كورونا طويل الأمد.. اضطرابات نفسية تلاحق المصابين بعد الشفاء

كورونا طويل الأمد.. اضطرابات نفسية تلاحق المصابين بعد الشفاء

 يعيش محمد عادل حياة مفعمة بالنشاط والبهجة، وسط عائلته المكونة من ثلاثة افراد وسط حي الكرادة ببغداد، وهو راض عن عمله ونفسه على حد وصفه،  لكن ذلك كان قبل جائحة كورونا، ليتغير بعدها مسار حياته.

في مطلع آذار 2021، اصيب عادل (28 عاما) بفيروس كورونا، نقل على اثرها الى احد مستشفيات مدينة الكرادة، وبعد رقوده 10 ايام في المشفى، تماثل للشفاء،  لكن آثارا نفسية تركها الفيروس الى حد كتابة هذا التقرير.

يقول عادل في حديثه لـ"إيجاز"، واصفا معاناته بعد الاصابة، "تغير كل شيء بعد الاصابة، مزاجي، وشغفي.. اشعر ان جسما غريبا لا اعرف ماهيته في رأسي"، كما ترك عمله وبات منعزلا داخل غرفته، ولا يريد ممارسة اي نشاط.

وخلص باحثون من جامعة اكسفور إلى أن ثلث المتعافين من فيروس كورونا ممن شملتهم الدراسة، عانوا بعد شفائهم من اضطرابات نفسية وعقلية، مما يثير مخاوف أكثر بخصوص الآثار السلبية التي يتركها فيروس كورونا حتى بعد الشفاء منه.

وأظهرت دراسة سابقة للباحثين أنفسهم العام الماضي أن 20 في المئة من متعافيي كورونا أصيبوا باضطرابات نفسية في غضون ثلاثة أشهر. وبعد تحليل السجلات الطبية لما يصل إلى 236379 من مرضى كوفيد-19 معظمهم من الولايات المتحدة، وجدت النتائج الجديدة، التي نُشرت في دورية لانسيت للطب النفسي، أن 34 في المئة أصيبوا بأمراض عصبية أو نفسية في غضون ستة أشهر.

وعن طبيعة الاضطرابات المزاجية والنفسية، يشرح عادل بالقول ": اشعر بتعب دائم، وفقدت الرغبة على الحديث او التواصل مع الاصدقاء والاقرباء، ولدي مشاكل في النوم، حتى شهيتي للطعام تغيرت".

وفي منتصف آب 2021 اضطر عادل الى الذهاب الى طبيب نفسي، جراء المعاناة الدائمة، على حد وصفه، ويقول "اعطاني الطبيب مضادات الاكتئاب، وعقاقير اخرى لعلاج القلق والتوتر".


ويرى علماء النفس أن أحد المشاكل النفسية التي من المرجح أن تستمر على المدى الطويل بعد وباء كورونا المستجد هي اضطراب الوسواس القهري.

 ويرى ستيفين تايلور، مؤلف كتاب “علم نفس الأوبئة” وأستاذ علم النفس بجامعة بريتيش كولومبيا، أن ما يتراوح بين 10 إلى 15 في المئة من الناس، لن تعود حياتهم كسابق عهدها، بسبب تأثير الجائحة على صحتهم النفسية.

وأثارت مؤسسة “بلاك دوغ” المستقلة لبحوث الصحة النفسية مخاوف حول “الأقلية التي ستعاني من القلق طويل الأمد”. وحذرت مجموعة من الأخصائيين الصحيين البارزين مؤخرا في الدورية الطبية البريطانية من أن “آثار الجائحة على الصحة النفسية من المرجح أن تبقى لفترة أطول مقارنة بآثارها على الصحة البدنية”.

 وتقول منظمة أطباء بلا حدود إن فرقها لاحظت أن الحالة النفسية للمرضى العراقيين ساءت خلال الفترة الأخيرة، مضيفة "وجدنا مستويات عالية جدا من القلق والاكتئاب والوسواس بين المرضى الذين كانوا يحاولون التعافي من آثار الحرب والنزوح، فكان الوضع الاقتصادي الحالي ووباء الكورونا من أهم أسباب استمرار معاناتهم".

 وتشمل العوامل التي تساهم في زيادة الأمراض النفسية القيود المادية وفقدان مصدر الرزق والمشكلات الأسرية وبعض الإصابات الجسدية الناتجة عن الانفجارات، والصدمات النفسية، وبعض الأمراض العضوية الأخرى.

وعن تأثير التوتر النفسي والقلق على مناعة الجسم، يشير الدكتور عبد الهادى مصباح استشارى المناعة وزميل الأكاديمية الأمريكية للمناعة، إلى أن هناك اتصالا مباشرا بين المخ والجهاز العصبي المركزي، وجهاز المناعة الذى يعمل بأمر القيادة العليا الموجودة فى المخ، وذلك من خلال خلايا مستقبلات، وهرمونات ومواد كيميائية، وموصلات عصبية ومناعية، لذلك فإن كل ما يؤثر بالسلب على الجهاز العصبى المركزى والحالة النفسية للإنسان، يؤثر أيضاً بالسلب على جهاز المناعة لديه .

ويحمل الطبيب النفسي، مخلد الياسري الذي عمل في مدينة الطب وزارة الصحة مسؤولية تفاقم الحالة النفسية للمصابين بكورونا بعد تماثلهم للشفاء، ويرى ان "دور الوزارة هامشي في التعامل مع ازمة الوباء، خاصة في ما يتعلق بالاثار النفسية التي يتعرض لها المصابين بعد الشفاء".

ورصد أحدث تقارير منظمة الصحة العالمية، ارتفاعا كبيرا فى معدلات اللجوء إلى الاستشارات النفسية منذ ظهور جائحة كورونا، وأكدت الأبحاث العالمية وجود علاقة وثيقة بين تزايد المشاكل النفسية وانتشار وباء كورونا، وتتجسد الأسباب فى حالة القلق وقد تصل لحد الهلع التى تنتاب الكثيرين خوفا من العدوى والإصابة، وما يصاحب ذلك من ارتباك واضطراب نفسى فى التعاملات والعلاقات بالمحيطين والأقارب والأصدقاء، كما وجد الباحثون أن المرضى الذين يصابون بكورونا يتعرضون لأزمات نفسية تؤثر على حياتهم سواء أثناء العلاج أو حتى بعد التعافي، كما كشفت الأبحاث أن المصابين بثمة أمراض نفسية تتضاعف معدلات إصاباتهم بكورونا، كما أنهم يصبحون أكثر عرضة لمضاعفات المرض وخطر الوفاة .


من أحمد هادي


"تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR - صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا".






13-08-2021, 21:52
المصدر: https://ejaz-news.iq/65--.html
العودة للخلف