الملوثات التي تلقى في نهر ديالى من دوائر المجاري منذ سنوات طويلة
بغداد - سجاد عدنان
أحد أهم أذرع نهر دجلة تقطعت أوصاله بين ليلة وضحاها وبات يشكو سوء حاله لكن من دون مجيب ، أهمال بيئي نخر طوله وكاد أن يقضي عليه، خزانات مياه الصرف الصحي فيه تهالكت وباتت عجلاتها عاجزة عن الدوران فالشيء الوحيد الذي يدور هناك هو الزمن، كم هائل من المناشدات أطلقت لإعادة تأهيلها لكن كانت تدور في حلقة مفرغة محمومة باللامبالاة فالجهات المعنية كانت عاجزة عن تحريك عصاها السحرية، وبقى الخراب وتكدس الحشائش شاهداً على أسوء أيام مرت على هذا النهر المهم، ليبقى أستفهام رئيس وصلنا 2023 ومازلنا نكتب عن قصص الأهمال ترى متى سنطوي صفحاتها.
الرافد الخامس لدجلة
نهر ديالى وفي الجزء المار ببغداد هو القصة،يمر النهر عبر كردستان، كرمانشاه في إيران، وديالى في العراق ويبلغ طوله الإجمالي 445 كم، وارتفاعه 1,830 م. ينبع النهر من جبال زاگروس، ثم ينساب غرباً صوب العراق. ويشكل النهر الحدود الدولية بين إيران والعراق لمسافة 32 كم. وبمجرد دخوله سهل الرافدين يصبح مساحة مفيضه 29,700 كم²، ويمر عبر سد المقدادية، بمتوسط تدفق 164 م³/ث، ثم يصب في دجلة جنوبي العاصمة العراقية بغداد.
من هنا بدأت القصة
شركة بلدة الخبرة , مشروع مجاري ناحية الجسر ,كانت هي الجهة المنفذة للمشروع ، وفي حديث صحفي ذكرت الشركة ان مشروع مجاري ناحية جسر ديالى من المشاريع الكبيرة التي اعدت تصاميمها في عام 2008 لحساب مكتب المزواة الهندسي وقد قمت باعادة التصاميم بعد احالة المشروع الى مجموعة الشركات في عام 2012 بسبب توسع المدينة وتغيير مناسيب الطرق فيها وتم تنفيذ المشروع من قبل مجموعة شركات تقودهم شركة بلد الخبرة.
(س،ع) مواطن عراقي وهو احد سكنة مدينة بغداد، يذهب للعمل يومياً في جرف النداف خارج اسوار المدينة ماراً بجسر ديالى الواقع جنوب شرقي بغداد، يسرد ع ان ما اواجهه في العمل من متاعب وفي المنزل من مشاغل كل ذلك لا يعني لي شيئاً بقدر ما تعني لي الامتار العابرة فوق نهر ديالى، الرائحة هناك كريهة الى حد لا تستطيع التنفس وانت مار من فوق الجسر، بل اثرت حتى على جهازي التنفسي لاحتوائها على غاز الميثان، كل ذلك بسبب عدم معالجة الكميات الكافية المياه الاسنة والصرف الصحي في مشروع مجاري الرستمية، ورمي مجاري المناطق المجاورة في النهر.
أم محمد سيدة عراقية تحدثت، ان هذه المنطقة كانت أشبه بالجنة، كنا نذهب الى المزرعة ونقوم بجني الثمار ونسقي الحيوانات ونقوم بصيد الأسماك، وكل ذلك قبل عام 2003، لم نحتاج الذهاب الى المدينة لشراء الخضراوات والأسماك قط، كنا نملك كل ذلك بفضل هذا النهر". وفجأة تحول النهر الى مصدر للتلوث، لا تعيش فيه الأسماك ولم تعد الحيونات تشرب منه. ويحصل السكان على مياه الشرب من الآبار أو سحبها من مناطق مجاورة بأساليب شاقة، الأمر الذي يزيد الصعوبات أمام السكان المحليين ويضعهم أمام صعوبات ، تتحمل أم محمد الجزء الأكبر منها.
الأكثر تأثيراً بتلوث النهر
محطة معالجة مياه الصرف الصحي تستند الى نظام المعالجة المطولة لمياه المجاري والتي هي من افضل الطرق وان كانت قديمة لضمان معالجة موثوقة لمياه المجاري وتتضمن منشات دخول عدد 2 واحواض تهوية كبيرة عدد 2 مع احواض ترسيب قطر 34 متر عدد 4 واحواض تماس الكلور عدد 2 ومحطة مضخات الحمأة الراجعة والحمأة المنشطة ومضخات الحمأة المثخنة ومضخات المياه المترشحة كذلك محطة ضخ المياه المعالجة الى المبزل مع بناية الكلور والابنية الخدمية والادارة ودورالمشغلين والمهندس اضافة الى خطوط ماء ومجاري داخل موقع محطة المعالجة من الدكتايل والبلاستك لاقطار وصلت الى 800 ملم بطول تجاوز 6 كيلومتر مع حدود 100 مانهول من الكونكريت المسلح اضافة الى اكثر من كيلومتر من الطرق الاسفلتية الداخلية.
ملوثات النهر شكلت تهديداً كبيراً
في ال 21 من شباط للعام 2019 كشفت وزارة الموارد المائية، عن الملوثات التي تلقى في نهر ديالى من دوائر المجاري منذ سنوات طويلة شكلت تهديداً كبيراً على بيئة نهر ديالى والمواطنين المستفيدين من هذا النهر لاسيما وان نهر ديالى يصب في نهر دجلة .وقالت الوزارة في بيان إن مديرية الموارد المائية في بغداد واداره صيانة مشاريع بغداد يواصلون وبجهد استثنائي التعامل مع الايرادات المائية الماره ضمن نهر ديالى على الرغم من التعارضات والمعوقات والخوانق في مقطع النهر المتمثله بالجسور الأنبوبيه المؤقتة والأنقاض والتجاوزات والأعشاب المائية.
العلوم تؤكد تلوث نهر ديالى
أكدت وزارة العلوم والتكنولوجيا تلوث نهر ديالى بمياه الصرف الصحي لافتقار محطات المعالجة لعملية التطوير المستمر مشيرة الى قلة دور مركز التقييس والسيطرة النوعية في الاسواق المحلية وقال مدير مركز البحوث البيئية بدائرة البيئة والمياه في الوزارة عدنان عفج ان المياه السطحية لنهر ديالى تاثرت بالملوثات الكيمياوية المنتقلة عن طريق مياه الصرف الصحي مسببة تلوث الاحياء البايولوجية الموجودة داخل النهر اذ توصلت دراسة الى ان الملوثات تترسب داخل الاسماك كعناصر ثقيلة سمية ومنها الرصاص وغيرها من المواد والمركبات التي تنتقل الى داخل جسم الانسان مسببة امراضا اخرى واضاف ان القدرة الاستيعابية لمحطات التصفية غير كافية نتيجة للانفجار السكاني المتزايد لذلك على الجهات المعنية ان تطور المحطات استنادا الى نسبة السكان المتجددة لتصفية مياه الصرف الصحي وتنقيتها قبل اطلاقها الى المسطحات المائية فضلا عن زيادة البرامج الثقافية لتوعية المواطن بالرقيب الذاتي وعدم رمي النفايات داخل المنهولات مشيرا الى ان (الزئبق والرصاص من العناصر المتواجدة داخل جسم الانسان وبنسب محددة لكن كثرتها عن طريق الماء والغذاء تؤثر على صحة الانسان فهناك بعض المواد الضارة في اواني الطبخ غير الصحية التي تشهدها الاسواق في ظل غياب مركز التقييس والسيطرة النوعية عن مراقبة المصانع فضلا عن غلاء اسعار الاواني ذات النوعية الجيدة.
بيئة بغداد ترصد التلوث
شعبة مراقبة الأنشطة الخدمية في مديرية بيئة بغداد ذهبت لاجل تقييم عمل مشروع مجاري الرستمية الجنوبي والشمالي والتوسع الثالث للاطلاع على مدى كفاءة عمل المشروع وتبين ان الطاقة التصميمية للمشروع هي(١٧٥،٠٠٠م٣)في اليوم في حين ان مياه الصرف الصحي الواردة للمشروع تقدر بحوالي (٥٠٠،٠٠٠م٣)ولعدم استيعاب الكميات الفائضة يتم تصريفها الى نهر ديالى بعد معالجتها فيزيائياً فقط وهذا يؤدي الى تلوث مياه النهر وتنتقل هذه المياه الملوثة الى نهر دجلة.
المؤسسات الحكومية ترمي المخلفات
وتقوم آلياتٌ تابعة لمديرية العاصمة بغداد بنقل ورمي مخلفات الصرف الصحي في نهر ديالى من دون حسيب أو رقيب، وذلك بسبب خروج العديد من محطات معالجة المياه الثقيلة ومياه الصرف الصحي عن الخدمة وتهالكها، وعدم توفر محطات معالجة حديثة كافية لتغطية الزخم المتزايد. يذكر أن (16) من أصل (20) بلدة موزعة بين القضاء والناحية والتابعة لمحافظة بغداد تعاني من انعدام خدمات الصرف الصحي، وذلك بحسب وثيقة حكومية تعود لشهر أيلول (سبتمبر) 2020.
كان أغلب السكان يعيشون على الزراعة قبل 2003 بحسب حديث لمختار المنطقة عبد الله كاظم، لكنهم تركوا هذه المهنة اليوم بسبب تلوث النهر، فيما لا تكفي مياه الإسالة ربع السكان، ما يُجبرهم على شراء المياه على نفقاتهم الشخصية واضاف ان الحكومة لا تدعم المزارعين هنا، بل تقوم دوائرها الخدمية برمي للمياه الآسنة في النهر. ويتحدث أبو عبد الله، أحد ساكني المنطقة، عن دور مديرية مجاري بغداد في تحويل النهر الى بؤرة ملوثة واطرافه الى محرقة للنفايات والروائح الكريهة التي لا تطاق.
يشير العضو في جمعية حماة دجلة سلمان خير الله الى أن ما يعانيه أهالي منطقة جسر ديالى هي المعاناة ذاتها التي يعانيها ساكنو أذناب الأنهر، إذ ترمي كل محافظة مخلفاتها في الأنهر. "إن المخلفات سواء كانت صلبة أو سائلة سوف تتحلل في الأنهار بعد سنوات وتولد مخاطر جسيمة وتُعرّض الصحة العامة لأخطارٍ جمة". ويضيف خير الله "إن منطقة جسر ديالى موبوءة بسبب مياه المجاري الآتية من الرستمية ومدينة الطب بالعاصمة بالإضافة الى المخلفات التي تأتي من شمال النهر وتصل الى بغداد وخصوصاً الى نهر ديالى لأنه يقع على مجرى نهر دجلة.
سُبل المعالجة
لا يقتصر رمي المخلفات والمياه الثقيلة على نهر ديالى، بل يشمل كل الأنهار الداخلة الى العراق أو النابعة منه. في مدينة كبيرة مثل بغداد، أكثر من 8 ملايين نسمة، تُرمى المخلفات ومياه الصرف الصحي في نهر دجلة دون معالجة. وهناك منشآت صناعية كبيرة مثل مصفى الدورة الذي يرمي كل مخلفاته في النهر، ناهيك عن العديد من المصانع والمستشفيات التي ترمي المخلفات في النهر ذاته. وتتعرض المياه السطحية والجوفية جراء ذلك الى تلوث كبير بحسب النائبة السابقة شروق العبايجي حيث مشاريع معالجة المياه كانت موجودة في عقود سابقة مثل مشروع مجاري الكرخ وغيرها ولكنها تعطلت بسبب الإهمال وعدم الصيانة وعدم استيعابها الكميات المتزايدة من المخلفات الملوثة التي ترمى في الأنهار يومياً. وتقول العبايجي في هذا السياق، "هناك دول عديدة في العالم اليوم، تكنولوجيا متطورة لمعالجة المياه المستخدمة وطريق تدويرها لأغراض زراعية وصناعية". ولكن ما يحصل في العراق بحسب قولها هو نوع من أنواع انتهاك حقوق الإنسان وفقاً للمواثيق الدولية إذ يحصل بموجبها الإنسان على الماء الصالح للشرب بطريقة صحية ولا تسبب له الأمراض ولا تسبب أيضا خسارات في الزراعة.
وتقترح العبايجي البدء بتنفيذ القوانين النافذة أولاً، لأن لدينا مجموعة من القوانين التي تمنع التلوث وتُجبر المنشآت الصناعية على معالجة مخلفاتها، وكذلك تُحرّم على المستشفيات رمي نفاياتها في الأنهار. ومن الضرورة أن تُدرك مدينة الطب وغيرها في العاصمة أن مخلفاتها في مياه دجلة تشكل خطراً بيئياً وصحياً على الصحة العامة والأحياء والزراعة بالتزامن مع تفعيل القوانين وسبل تنفيذها، على الحكومة العراقية مواكبة التطورات التكنولوجية وتطور أساليب مختلفة لمنع التلوث، منها معالجة المخلفات وإعادة التدوير وتحديداً إعادة تدوير المياه، وذلك بسبب محدوديتها قياساً الى الاحتياجات السكانية. تشير العبايجي في نهاية كلامها الى ضرورة أخذ الإزدياد السكاني في الحسبان وترك الأساليب القديمة في استخدام المياه.
ادانة حكومية واضحة للمشروع الحكومي ذاته واعتباره خطر يهدد احد اطراف العاصمة بغداد الجهات المسؤولة عنه لم تبالي بكلام الوزارات واللجان التي تشكلت ,لذلك لم نجد خطوات جدية لحل المشكلة , ضياع الثروة السمكية اعتضنا عنه بالبحيرات الجاهزة ,تلوث المياه ولم تعد صالحة للغسيل حتى اعتضنا بمياه الاسالة ,اما الجزء الاكبر وهو التلوث البيئي وتأثيره على صحة النسان هذا مالانستطيع الاستعاضة عنه باي وسيلة ,سوى العمل على كشف المستور وتوضيحه للرأي العام.
تم نشر هذه المادة بدعم من صندوق الامم المتحدة للديمقراطية (UNDEF) ومؤسسة صحفيون من اجل حقوق الانسان jhr.