منصات التواصل الاجتماعي

كورونا يزيد المأساة.. "العوز" يدفع الاف العراقيين نحو تعاطي المخدرات

انعدام فرص العمل يدفع الشباب الى الهروب من الواقع بواسطة المخدرات

  • 2-08-2021, 15:44
  • العراق
  • 704 مشاهدة
+A -A

كانت معدومة الذكر حتى ارتفعت تدريجيا لتصبح ارقامها بالالاف، تجارة المخدرات وتعاطيها باتت ملجأ الكثير من الشباب العراقي للهروب من الواقع المأساوي ونقمة العيش والبطالة التي يعيشها كثيرون.

انتشرت ظاهرة الاتجار بالمخدرات وازدادت نسبة التعاطي لها حتى تجاوزت الـ 50% بين الشباب خاصة في اخر سنتين، لاسباب تعلق بالفقر وتفشي وباء كورونا بحسب اخر احصائيات قدمها مجلس القضاء الاعلى لعام 2020.

صدام غازي، متزوج ولديه ثلاث أطفال كان يعمل حمالا في السنك يسكن في بيوت التجاوز، يقول في حديثه لـ "إيجاز"، ان "أحد أصدقائي يتعاطى الكريستال وهو الذي أستدرجني للتعاطي"، ورغم واقعه المرير وحياته التي تفتقر لأدنى مقومات العيش الكريم, الا انه كان يفضل شراء الغرام الواحد من الكريستال بمبلغ 50 الف, أي ما يعادل حوالي الـ 40 دولار امريكي, وذلك لتعاطيه هذا النوع من المخدرات, في الوقت الذي تقع اسرته تحت سطوة الفقر, يتحدث صدام عن احداث القاء القبض عليه ويقول "وشى بي احد اصدقائي في السوق وهو يعمل كمصدر لشرطة مكافحة المخدرات".

ويعاني العراقيون مشاكل اجتماعية واقتصادية كبيرة في ظل تفسب انتشار فيروس كورونا، الأمر الذي أدى إلى اعتقاد خبراء احتمالية ارتفاع معدل الفقر، الذي قد يصل إلى 40% وفقاً لعدم قدرة الحكومة على تعويض المتضررين على إثر انهيار أسعار النفط.

حكايات المتعاطين وتجار المخدرات تختلف من حالة لأخرى, حيث كانت حكاية حسن فهد البالغ 25 عاماً مع تعاطي المخدرات من ثمة الاتجار بها مختلفة بعض الشيء, فهو وبحسب حديثه لـ "إيجاز"، انه "لم يكن فريسة للواقع الاجتماعي المتهالك, ولا ضحية البطالة والعمالة والعوز المادي".

ويقول حسن، "بدئت تعاطي المخدرات في سن مبكرة, كنت حينها في ال13 من عمري حين بدأت تعاطيها مع أصدقائي ترفاً, فلم اكن اعاني من واقع اقتصادي او اجتماعي سيء".

تعاطي المخدرات يحتاج الى الكثير من المال, هذا ما دفع حسن للإتجار بها, ويذكر "حين قررت المتاجرة بالمخدرات كان ذاك بدافع توفير المادة لي بالمجان, حيث كنت ابيعها مستفيدا من بعض المبالغ المادية التي تساعدني بدورها على شراء الكريستال وتعاطيه".

والقت فرقة من شرطة مكافحة المخدرات القبض على حسن بعد ان نصبت له كمين بالتعاون مع احد اصدقائه الذي دعاه ذات مساء لشراء جرعة مخدرات.

الاحصائيات التي قدمتها شرطة مكافحة المخدرات لعام 2020, تبين ان نسبة التعاطي والاتجار باتت في تزايد ملحوظ عما سبقتها من السنوات الماضية, واوضحت الاحصائيات "ان اعداد المتعاطين قد وصلت الى ثلاث آلاف و551 حيث كانت البصرة في صدارة المحافظات من حيث عدد المتعاطين 628, اما التجار في البصرة فقد بلغ عددهم 3892".

يقول اللواء مازن كامل منصور مدير مديرية مكافحة المخدرات, في حديثه لإيجاز "ان نسبة ٨0% من كمية المخدرات التي تدخل للعراق هي عن طريق ايران, خاصة مادة الكريستال, لكن الدولة لا تتخذ اي اجراء بشأن الجارة الشرقية لوجود جهات ذات علاقة وطيدة معها". 

يبدوا ان بنود القانون لا تنفذ بشكل متكامل, فبحسب كامل "أن اغلب سجناء المخدرات تغلق قضاياهم بعيداً عن الإجراءات القانونية الصحيحة, وذلك لانهم تابعين لجهات معنية, ليفرج عنهم من خلال دفع مبالغ مالية", مؤكداً "بان اغلب تجار المخدرات من سكان النجف الاشرف".


الواقع الاجتماعي للفرد واحد من اهم اسباب انتشار المخدرات, سواء الاتجار بها او تعاطيها, حيث ان هناك عدة اسباب داخلية وخارجية ونفسية تؤدي الى تزايد حالات تعاطي المخدرات.

تقول الباحثة الاجتماعية ندى العابدي "ان من اهم الاسباب الخارجية هو السيطرة على الحدود العراقية, ما ساهم في تسهيل مرور هذه السموم للبلاد, جاعلً العراق اشبه بخزانة كبيرة لجمع المخدرات ومن ثم توزيعها إلى باقي انحاء العالم".

اما بالنسبة للأسباب الداخلية فهي تتنوع بين البطالة, وسوء الاوضاع الاقتصادية, فضلا عن المشاكل التي طرأت على العراق بسبب الحروب والارهاب, والتهديد والتهجير والقتل "هذا ما اضعف منظومة القيم الاجتماعية والاخلاقية" بحسب العابدي, التي تقول "ان جنوح الافراد ووقوعهم فريسة للقوى التي تتكالب عليهم, تعد واحده من اهم اسباب انتشار المخدرات".

العوامل النفسية أضافة أخرى لأسباب تعاطي المخدرات, هذا ميراه الباحثون وعلماء النفس, في وقت قد لا يجده الراجحون مبررا لهذا, تضيف العابدي قائلة "ان الهزات النفسية الكبيرة التي يتعرض لها الانسان, وعدم تحقيقه لاحتياجاته البيولوجية, إضافة لعدم حصوله على التقدير الاجتماعي وافتقاده للشعور بالأمان كلها تدفعه للهروب من الواقع من خلال المخدرات".

نقمة الفرد على المجتمع جعلته عرضة لتعاطي المخدرات خاصة فئة الشباب, لكن بالجانب الاخر هناك شباب وقفوا بالضد من هذه الظاهرة, رغم انهم ليسوا مترفين وشكلوا فرقً لمحاربة هذه الظاهرة والتوعية بخطورتها من بينهم فريق (عراق خالي من المخدرات) التطوعي, وتقول ايناس كريم مؤسسة الفريق لإيجاز " لقد تأسس الفريق منذ 8 اشهر, انطلقنا بهذه الفكرة واخترنا موضوعة المخدرات لأننا لاحظنا استفحالها بالبلاد ولمسنا خطورتها على الشباب, وبعد تلقينا العديد من الرسائل انطلقنا بمهمتنا كفريق يكافح المخدرات".

 يتكون فريق (عراق خالي من المخدرات) من قرابة الخمسة اشخاص, استطاعوا خلال ثمانية اشهر تقديم العون لحوالي اربعين حالة من المتعاطين والمدمنين, تقول ايناس "ان لكل حالة صادفتها خصوصية وميزة, ورغم ان جميع الحالات كانت صعبة الا ان هناك حالة بقيت عالقة في ذهني".

فتاة متعاطية للمخدرات لم يكن احد من ذويها على علم بحالتها هي من تحدثت عنها ايناس وقالت " عدم علم الاهل زاد من صعوبة الحالة ما دفعني للتدخل واخبار والدة الفتاة التي كان وقع الصدمة عليها كبير, لكن علاج الفتاة تم بعد تعاون والدتها معنا"

القانون في العراق حاضر مع ايقاف التنفيذ, فالمادة رقم (50) لقانون المخدرات والمؤثرات العقلية لعام 2017  "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة واحدة ولا تزيد على ثلاث سنوات, وبغرامة لا تقل عن خمسة ملايين دينار ولا تزيد على عشرة ملايين دينار كل من أستورد أو أنتج أو صنع أو حاز أو أحرز أو أشتراها بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي", الا ان الوساطات والمحسوبيات وتدخل بعض الميليشيات المسلحة, وتأثيرها على الجهات المنفذة للقانون يحول دون تطبيق هذه المواد, بحسب اللواء مازن كامل منصور.


من أحمد هادي

"تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR - صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا".