منصات التواصل الاجتماعي

من منطقة حرب الى مدن سياحية.. كيف تحولت الانبار الى نموذج اداري ناجح

من منطقة حرب الى مدن سياحية.. كيف تحولت الانبار الى نموذج اداري ناجح

  • 7-08-2021, 16:54
  • العراق
  • 792 مشاهدة
+A -A

شهدت محافظة الانبار خلال السنوات القليلة السابقة، تحولا كبيرا في الأوضاع الاستثمارية والاقتصادية داخلها، قادت الى شروع عمليات اعمار كبيرة، ساهمت في تحويل المحافظة من مناطق حرب سابقة، الى مناطق سياحية، هذا التحول الكبير لفت انظار العديد من المختصين بحسب ما أوردت الصحف الأجنبية.

صحيفة النيويورك تايمز الامريكية، تحدثت عن مشاريع الاعمال التي يتم بنائها حاليا في مدينة الرمادي، حيث اكدت، ان ما يقارب المئتين مشروع استثماري يتم الشروع بها حاليا ضمن المدينة، بالإضافة الى المشاريع الحكومية الممولة، وتلك المنجزة. 

مدينة الرمادي بحسب الصحيفة تحولت من منطقة حرب مشتعلة منذ عام 2003  وحتى غزو تنظيم داعش الإرهابي، الى مدينة سياحية لها مستقبل اقتصادي كبير، بالنظر الى المشاريع التي نفذت داخلها، والتي تدخل حيز التنفيذ.

وقالت الصحيفة "بينما تعاني باقي المحافظات العراقية من المشاكل الاقتصادية، ومشاكل الخدمات والاعمار، فان مدينة الرمادي تزدهر، من بناء فندق سياحي بقيمة سبعين مليون دولار وحتى انشاء مجموعة من اكبر مجمعات التسوق داخل البلاد، بالإضافة الى تقديم مشاريع لانشاء مطار دولي خاص بالمدينة".

وأضافت "على الرغم من كون الرمادي مدينة ذات غالبية سنية في بلاد تحكمها الغالبية الشيعية، الا ان المسؤولين عن المدينة نجحوا في جذب عناصر الاستثمار من خارج العراق الى داخله مرة أخرى، حيث بدات العديد من المشاريع المحلية الخاصة من قبل مستثمرين عراقيين كانوا الى فترة قريبة خارج البلاد مع رؤوس أموالهم". 

وبينت الصحيفة "ان وعلى الرغم من وجود بعض المناطق التي ما زالت تظهر عليها مشاهد الدمار بسبب سنوات الحرب، الا ان المباني الممولة حكوميا وتلك المشاريع الاستثمارية الخاصة، جعلت من شوارع المدينة نموذج منظما للطرق وشبكات المد الكهربائي، بعيدة عن مثيلاتها في باقي المدن التي تكسوها الشوارع المدمرة وخطوط نقل الطاقة المبعثرة". 

واكد محافظ الانبار علي فرحان، ان "سكان المدينة وبرفضهم للمد الطائفي والخطاب المتعصب، اصبحوا قادرين على التركيز على إعادة اعمار المدينة، خصوصا بعد ان غادر بعضهم بسبب الحرب الى خارج العراق حيث اعتادوا على المقاهي الرافهة والمجمعات التجارية، الامر الذي دفع بهم للاستثمار في المحافظة لنقل ذات التجارب اليها".

احد المستثمرين المسؤولين عن إعادة اعمار المدينة، ماهر عثمان، صرح لصحيفة النيويورك تايمز، بان المشاريع الجديدة "ستحول المدينة الى مركز ترفيهي وسياحي في الوقت القريب مع انتهاء بنائها، ومن اشكال ذلك بناء احواض سباحة ومنتجعات سياحية وحمامات مغربية، بالإضافة الى مقاهي ومطاعم بقيمة تبلغ 20 مليون دولار". 

مدينة الانبار بحسب الصحيفة باتت نموذجا للاستثمار المحلي الناجح بعد التعاون الكبير بين الجهات الحكومية المسؤولة عن عمليات الاعمار والمستثمرين المحليين من أهالي المدينة الذين باشروا ببناء تلك المشاريع، ومنها اكبر المجمعات التجارية في البلاد بقيمة 70 مليون دولار. 

التطور الكبير الذي حققته المدينة في مجال الاستثمار انعكس إيجابا على توفير فرص العمل، حيث اكدت الصحيفة ان ما يقارب 1200 وظيفة جديدة قد تم خلقها مؤخرا نتيجة لعملية إعادة البناء والتطوير التي اطلقت في المحافظة، بالإضافة الى التطور الكبير في مجال الرعاية الصحية، حيث يتم حاليا "انشاء مستشفى رعاية عامة يتضمن قسما مختص لجراحة الاعصاب يعد الأكثر تطورا في المنطقة، باسم مستشفى الصفوة، وبجهود شخصية من المستثمرين والمسؤولين المحليين في المحافظة". 

المشاريع الجديدة تتضمن بحسب ما كشف عنه مدير الهيئة الاستثمارية فيها مهدي النعمان "مصانع للسماد، مناطق سكنية حديثة، مدارس ومحطات لتوليد الطاقة الكهربائية واستثمار الطاقة الشمسية، يقدر مجموعها بنحو 5 مليار دولار"، حيث اشارت النيويورك تايمز الى ان الاستثمارات كانت محلية بنسبة 70%، فيما اشتركت في النسبة الباقية شركات هندية، إماراتية، المانية وتركية.

وأوضحت الصحيفة، ان الجهود السياسية للمسؤولين عن المدينة التي ركزت على أهمية إعادة اعمارها لتقديمها كنموذج ناجح للجيل الجديد الشاب من الساسة السنة، قاد الى زيادة الاستثمار المحلي والحد بشكل كبير من عمليات الفساد الإداري والمالي التي ترافق المشاريع المماثلة في باقي المحافظات والمدن العراقية. 

النموذج الناجح الذي تقدمه محافظة الانبار مدفوعا بالجيل الجديد من السياسيين الشباب، يعود الى العام الماضي، حيث اكدت شبكة ريليف ويب، الموقع الرسمي التابع لمنظمة الاممم المتحدة، خلال تقرير لها نشرته في التاسع والعشرين من فبراير العام الماضي، ان محافظة الانبار وخصوصا مدينة الرمادي كانت الأسرع بين المدن العراقية تعافيا من تاثيرات الحرب، حيث افتتحت المستشفيات والجسور بشكل عاجل بعد انتهاء المعارك داخل المحافظة، وعادت الحياة الى طبيعتها. 

بداية تلك الانطلاقة عبرت عنها ممثلة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في المحافظة زينا احمد، حيث اكدت "ان إعادة افتتاح المستشفيات تمثل الأساس الذي يمكن من خلاله الانطلاق نحو التسارع في إعادة اعمار المدينة التي عانت تحت ظل سيطرة تنظيم داعش الإرهابي". 

وأشارت الممثلة الأممية، الى ان الاستقرار الأمني والسياسي في المحافظة قاد الى "تحسين الجهود الأممية في أعادة النازحين والمهجرين من المحافظة الى منازلهم، حيث عادت البنى التحتية الى العمل بسرعة كبيرة"، مشيرة الى ان الفرص الاستثمارية لتحسين مستوى المحافظة الاقتصادي ستكون نتيجة حتمية لذلك الاستقرار. 

نجاح نموذج إدارة محافظة الانبار قاد الى خلافات سياسية داخل الحكومة المركزية بحسب ما أوردت شبكة اخبار العراق، حيث وجه الكاظمي "توبيخا سياسيا" لمحافظ الانبار قبيل الانتخابات المقبلة في العاشر من شهر أكتوبر المقبل، مبينة، ان قرار الكاظمي اتى نتيجة لاشتراك المحافظ مع رئيس البرلمان محمد الحلبوسي في ذات الحزب المسؤول عن إدارة المحافظة، متهما إياه بــ "القيام بدعاية انتخابية". 

الخلافات داخل بغداد من اطراف سياسية متعددة مع الحلبوسي تاتي عقب تصريحات اطلقها اكد خلالها ان "الانبار ستتحول الى كردستان جديدة في مجال الاعمار والتقدم"، مشددا "لقد خلقت من الانبار مركز لصناعة القرار السياسي بعد ان كانت البلاد تعتمد على المعادلة الكردية الشيعية فقط". 

تصريحات الحلبوسي حول مستقبل الانبار وتحولها الى مركز قوة اقتصادي وسياسي، قاد الى العديد من الخلافات السياسية ليس داخل بغداد بل ضمن ساسة الأحزاب السنية أيضا، حيث شهدت الفترة الماضية بحسب ما أوردت صحيفة العرب، اتهامات وتراشق لفظي من ساسة سنة ينتمون الى الجيل السابق لسياسيي الجيل الجديد. 

الخلافات السياسية السنية التي تمخضت عن نجاح نموذج الانبار قادت الى اشتداد الخلاف حول احقية المحافظة في الحصول على وصف إقليم داخل السلطة المركزية لبغداد، حيث اكد الحلبوسي خلال مقابلة أجرتها معه قناة الشرقية، على ان المعترضين على إقامة إقليم الانبار، لا يبدون ذات الاعتراض على ذات المشاريع المتعلقة بإقامة أقاليم في المحافظات الجنوبية، مشيرا الى وجود استهداف سياسي لنجاح نموذج الانبار وما بينه من فروقات كبيرة بين جيليين سياسيين مختلفين يمثلان ذات القاعدة الشعبية. 

نجاح نموذج الانبار بحسب صحيفة الانديان اكسبريس، قاد الى تخوف من قبل جهات سياسية عدة من تبعاته على شعبية احزابهم في الشارع العراقي، مشيرة، اليه كالسبب في الاستهدافات السياسية المتكررة لنموذج المحافظة والمسؤولين عن نجاحه، خصوصا بعد نجاح الاعتماد على الاستثمار المحلي في تطوير القطاع الاقتصادي للمحافظة لدرجة كافية تسمح باستقطاب الاستثمار الأجنبي.

وعلى الرغم من الخلافات السياسية المستمرة، فان عملية الاعمار الحالية بحسب ما أوردت شبكة روداو، ما تزال تسير على قدم وساق بالنظر الى طبيعة الدمار الذي تعرضت له المحافظة، حيث تم اعمار 96 جسر من اصل 112 دمرها تنظيم داعش الإرهابي، فيما يتم الان بناء 100 مقر خدمة عامة و56 مشروع استثماري. 

مطالب المواطنيين من أهالي المحافظة تراوحت بين الإسراع بعملية الاعمار وتوفير المزيد من الخدمات، والى وضع المزيد من الخطط لتجميل المدينة واضافة مناظر الحضارة اليها، بحسب الشبكة.



المصادر:

https://indianexpress.com/article/world/after-years-as-a-battleground-iraqi-city-is-lifted-by-investment-boom-7399119/


https://www.rudaw.net/english/middleeast/iraq/16012021


https://www.kurdistan24.net/ar/story/22599-الحلبوسي:-الأنبار-ماضية-نحو-التحول-إلى-"كوردستان-جديدة"


https://iraqakhbar.com/3234675


https://reliefweb.int/report/iraq/hospitals-and-bridges-major-sites-re-open-ramadi-highlighting-city-s-recovery-enarku