نور كريم – بغداد
انتهى عام 2020، العام الذي تفشى فيه فيروس كورونا في العراق، مخلفاً وراءه ذكريات أليمة بالنسبة لأولئك الذين فقدوا أحد أفراد أسرهم أو قدوتهم في الحياة أو أشخاصاً كانوا يحظون بمحبة مئات الآلاف من الناس.
وانتشرت جائحة فيروس كورونا لعام 2020 في العراق، ابتداءً من 24 شباط 2020 بمدينة النجف، عندما فحصت عينة من طالب دين إيراني الجنسية وكانت النتيجة ايجابية لأصابتهِ بالفيروس، ثم كُشف عن حالات أخرى مصابة بكوفيد، وقد بلغ مجموع الحالات المؤكدة في العراق 2,131,500 حالة من بينها 24,267 وفيات وبلغ عدد المتعافين 2,071,838 حتى 20 يناير 2022.
وفي اجراءات لوقف انتقال الفيروس وتقليل الوفيات والإصابات الناجمة عن كورونا، وضعت خلية الأزمة التي شُكلت بعد انتشار الجائحة، قيودا صارمة على الحركة علقت من خلالها حركة المطارات، وفرضت حظرا على التجوال بشكل عام، بالاضافة إلى غرامة مالية واعتقال كل من يخالف التعليمات الصادرة.
ودفعت قاعدة العمل الصحافي والإعلامي التي تتضمن اعتماد الصحفي والإعلامي على الحضور في المؤسسة او التواجد بالميدان بسبب ضرورة التغطية عن قرب لمواكبة الأحداث اليومية، لاستثناء الإعلاميين من حظر التجوال والسماح لهم بمزاولة أعمالهم داخل مؤسساتهم.
ويقول الصحفي دريد سلمان، إن "تجربة العمل الصحفي في حقبة كورونا كانت استثنائية بكل المقاييس ومليئة بالتحديات والمخاطر، لأن نمط العمل يتطلب حضوراً في ظل حظر تام، حيث أن الكثير من إدارات المؤسسات الإعلامية كانت لا تأبة لحجم الخطر وترغمنا على المجيء".
ويكمل قائلاً: "زد على ذلك صعوبة الذهاب والعودة، من جانب الاجهزة الأمنية المكلفة بتطبيق الحظر لم تكن تعترف بالتخويل الممنوح للصحفيين ومن جهة أخرى المدراء المصرين على الدوام".
وأشار سلمان إلى، أنه "لم يجد سبيلا إلا التسلح بكم كبير من معدات النظافة والتعقيم، وثمة أمر أخر وهو القلق والضغط النفسي الهائل الذي نتعرض له عند سماع وفاة أحد الزملاء أو الأصدقاء إلى جانب الخشية من نقل الفيروس إلى المنزل والتسبب بكارثة،،، كانت فترة عصيبة بحق".
وتسبب تواجد الإعلاميين في المؤسسات باصابات كثيرة في صفوفهم، ووفاة العشرات من العاملين بهذا المجال في العراق، حيث اصيب ما نسبته 95 % من الإعلاميين العراقيين بفايروس كورونا نتيجة عملهم وتماسهم المباشر مع زملائهم، فيما توفي قرابة ثلاثين الى اربعين اعلاميا في عموم البلاد.
من جانبه قال الصحفي ومقدم البرامج الإذاعية ناجي ستار، "نلقت أحد المصابين بكورونا إلى المستشفى.. هذا ما فعله الصحفي ناجي ستار، الذي أكد أنه "رغم حجم المخاوف المترتبة على أزمة كوفيد في بادئ أمرها، إلا أنني تجرأت لنقل أحد المصابين الاوائل في العراق الى مستشفى الكاظمية التعليمي، دخلت الغرف المخصصة للحجر وانا لا اعرف ما الذي يترتب على دخولي ذلك مدفوعا بالفضول الذي بداخلي".
وأضاف قائلاً: "شاهدت العشرات ممن أصابهم الفيروس، الأعراض تختلف من مصاب لآخر بعضهم يهذي والبعض الآخر يسعل وآخرون بإمكانك أن تستمع لأجزاء الهواء التي تدخل من انوفهم عبر أقنعة الاوكسجين، الرعب وحده سيد الموقف، وربما هذه النقطة دفعتني لأعرف الكثيرين ممن كانوا يستهينون بالفيروس بمدى خطورة ما شاهدت، حتى ظهر اللقاح وبدأت الحرب الضروس بين ضرورة اللقاح وخطورة مناهضته من كثير من الناس الذين لا يعلمون بما هية الفيروس الخطر".
وتابع، "فقدت أحد أفراد عائلتي بسبب عدم الاكتراث بضرورة اللقاح وكدت أفقد والدي لذات السبب، بعدها أصبت في كانون الثاني من العام الجاري أنا وأبنتي على الرغم من إجراءاتنا الاحترازية الكثيرة، والحمد لله اجتزناها بسلام ..ادركت بعد هذه التجربة أن هذا الفيروس سيهزم عبر الالتزام بالتعليمات الطبية والوقاية منه".
وتبين المذيعة في قناة العراقية الإخبارية ابتهال الحسناوي، إن "عام 2020 فترة جائحة فايروس كورونا كانت عصيبة، خاصة على الكوادر الاعلامية والصحية"، مبينة أن "معاناة الإعلاميين تكمن بعدم شمولهم بالعطلة واجراءات الحظر التي اتخذتها خلية الأزمة المشكلة منذ تفشي الفايروس".
وتضيف قائلة: "كان القلق من اصابتي بالفايروس القاتل يرافقني، ومن اهم الصعوبات التي كانت تواجهني في العمل هو استخدامي لجهاز الكومبيوتر لانه ليس خاصا بل يستخدمه أكثر من موظف، وكلنا يعلم أن كورونا ينتقل بمجرد اللمس".
وتشير الحسناوي إلى، أن "هوس تعقيم كل شيء استخدمه سبب لي مرض في جلد اليدين نتيحة المواد الكحولية التي تستخدم بالمعقمات"، موضحة أن "المشكلة الأكبر هي ارتداء الكمامة في كل مكان لتجنب الاصابة بكورونا، وطبيعة عملي هي قراءة الاخبار، لذلك اضطر لخلعها من وجهي".
في غضون ذلك، قال الإعلامي حمزة سلام، انه "بسبب استمرار عملنا وضرورته، كنا كصحفيين في مواجهة خطر جائحة كورونا منذ انتشاره وحتى في اقصى حالات التفشي، حيث كنا نواصل العمل في المؤسسات الاعلامية ولم يشملنا تعطيل الدوام او الاجازات".
وأضاف، أنه "على الرغم من فرض حظر التجوال بشكل كلي او جزئي ولفترات متفاوتة، واصلنا العمل وتعرضنا في كثير من الاحيان الى صعوبات في الوصول إلى مكان العمل ولأسباب عدة منها عدم توفر وسائل النقل العام او الخصوصي وحتى من كان يملك سيارته الخاصة كان يواجه معرقلات منها غلق بعض الشوارع والمناطق بالكتل الكونكريتية او عدم السماح له بالمرور من قبل السيطرات الامنية".
وأكد سلام، "تعرضه للاصابة مرتين بفيروس كورونا، في المرة الاولى حصلت على اجازة مرضية لكن في المرة الثانية ولقلة الموظفين معي في قسم الاخبار بقيت مستمرا في الدوام مع اتخاذ اجراءات وقائية شديدة لمنع نقل الفيروس الى الزملاء".
وبين، أن "الصحفيين كانوا من ضمن خطوط صد المواجهة لفيروس كورونا حيث صار على عاتقنا ان نرفد المواطنين الذين يلازمون المنازل بالأخبار والاحداث المطلوبة لكونهم كانوا منعزلين عن العالم الخارجي نوعا ما، اضافة الى ان مهامنا تتطلب منا ان نكون في بعض الاحيان بالقرب من أماكن خطرة سواء مستشفيات او مراكز صحية لتوثيق مواجهة كورونا والاصابات وهو ما تسبب باصابة عدد كبير من الزملاء.
تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.