منصات التواصل الاجتماعي

تطور زمن الاستعباد... من الماضي إلى الحاضر

عن التكنلوجيا الآن..

  • 31-01-2023, 13:32
  • العراق
  • 162 مشاهدة
+A -A

ريم صباح محسن
بعد أن كان مصطلح العبودية يطلق على امتلاك  الإنسان للإنسان فيُباع الآدميون هنا وهناك ويتم تسخيرهم للأعمال الشاقة، والمحظوظ منهم من يجلس في قصر أمير يغنم من بعض الرفاهية المادية، أصبح اليوم الاستعباد يتخلص بشاشة الهاتف.
يقول الكاتب المصري توفيق الحكيم: "عندما نلغي الجوع ستلغى في نفس الوقت عبودية الإنسان للإنسان"، ولو أن الحكيم عاش في هذا العصر وعاصر المواقع الإلكترونية، لعلم أن العبودية لم تعد ينحصر على الانحناء لسلطان لأجل بعض المال أو ابتسامة عابرة من أحد الأغنياء. 
بل أصبحنا نعاني ما امتلاك المواقع الإلكترونية لفكرنا ومبادئنا. 
نحكم على جمال الأقوال نسبةً لقائليها لا لجمال تلك العبارات بحد ذاتها فإن قال شخص مشهور ما جملة ما، تبعه الكثيرون لا لنفع ما قال بل لأنه القائل أو نكون بين جيشين نُدافع عن فلان ونهاجم فُلان ونحكم على بعضنا بسبب تعليق أو صورة. 
واقعيا، نحن لا نعرف القصة لكننا نطلق الأحكام.
إن الانترنت يحكمنا من بابين، الأول لأنه  "مطلع على خصوصية الجميع، والثاني "يسمح للحكومات والشركات بالتعرف على نشاطات مستخدمي الموقع   بينما هي تقوم باخفاء نشاطاتها.
لم تعد هذه المساحة، مخصصة للتسلية فقط، بل أصبح المتحكم بحياة الإنسان، فلا يخرج الشخص من إحدى برامج التواصل إلا ودخل في آخر ليكمل يومه محروماً من التفاعل في الحياة الاجتماعية مع الاشخاص القريبين، سواءً في حل المشاكل المتفاقمة أو سماع أخبارهم واشعارهم بأنه موجود معهم.
لقد بدأنا نبتعد شيئا فشيئا عن أنفسنا وعن إنسانيتنا فلا عجب أن يغرق أحدهم وهناك من ينشغل بتصويره بدل أن يمد له يد المساعدة أو حريق يشب في منزل فيقوم شخص بتصويره بدل اطفائه. 
أصبح الإنسان يعوم في العالم الافتراضي وهمه الوحيد أن يكون أول من ينشر الحدث أو أي شيء يثير الكلام  حوله ليحصل على كم من التعليقات أو التفاعلات التي لا تُفيد بشيء.
قد يقضي الإنسان يومه بقراءة التعليقات والمنشورات وحل المشاكل التي تُنشر وأحياناً تكون لا وجود لها من الأساس فأصبح لا عجب في أن يجلس اثنان من الأصدقاء أمام بعضهم لا يعرف أحدهم عن الآخر سوى آخر قصة منشورة على انستغرام أو آخر ظهور له على واتساب ويمسك كل منهما هاتفه ويتفاعل بمنشوراته حتى ينتهي الوقت ويعود كلاهما إلى بيته دون سماع احدهما الآخر. 
إن العالم وصل إلى حد الإدمان الذي لا مفر منه في ذلك، ولو اختفت شبكات التواصل الاجتماعي لأصيب نصف العالم بالجنون والاكتئاب. 
الوعي الذي نحتاجه لكي نوازن حياتنا أصبح ثقيلا علينا فلا نرى جمال ما حولنا بسبب فكرة أن "كل شيء روتين لا يتغير". 
علينا أن ننتبه لكيفية استخدام التكنلوجيا لتكون أداة بأيدينا، نأخذ منها ما نريد بدلاً من أن ترسخ  هي فينا من القيم والأفكار مما تريد.