منصات التواصل الاجتماعي

تراجع السياحة الداخلية في العراق... التغير المناخي أبرز الأسباب

الوضع في أهوار العراق "مأساوي"

  • 22-07-2023, 03:06
  • العراق
  • 178 مشاهدة
+A -A

علي كريم

يواجه قطاع السياحة الداخلية في العراق، تحديات كبيرة بسبب التغير المناخي والجفاف الذي ضرب معظم المعالم السياحية في جنوب البلاد، وتحديداً المساحات المائية، مثل نواعير هيت ونهر ديالى وبحيرة الحبانية والأهوار وشط العرب، وهي نكسة اقتصادية كبيرة بالنسبة للأهالي في تلك المناطق الذين يعتمدون على هذا القطاع الذي بات يغيب شيئاً فشيئاً، دون أن تراعي الحكومة العراقية مصيرهم، أو تقديم المساعدة لهم، رغم أن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، اعتبرت سكان الأهوار من شريحة الفقراء.

وكانت بحيرة الحبانية، من أجمل المناطق السياحية التي يزورها العراقيون أيام العطل في المناسبات والأعياد، لكن هذا المكان لم يعد سوى بركة راكدة، كما ذكرت وكالة فرانس برس، حينما كان واحدا من أفضل المنتجعات السياحية في الشرق الأوسط بعد تأسيسه عام 1979.

وبحسب مدير قسم التدقيق والرقابة الداخلية في مدينة الرحبانية صالح محمد فإن ارتياد السياح للمدينة ضعيف جدا، مشيرا إلى أنه في عام 2020، وبالرغم من الحجر الصحي المرتبط بجائحة كورونا، سجلت الشقق السياحية 9 آلاف حجز، لكنها حاليا لم تتجاوز 3 آلاف منذ مطلع العام، مبينا أن "البحيرة أصبحت عبارة عن بركة ماء راكدة لا تصلح للشرب ولا للسباحة".

أما مدير الموارد المائية في محافظة الأنبار فقد أشار إلى أن تراجع منسوب البحيرة ونهر الفرات يعود إلى قلة الإطلاقات المائية من دول المنبع مثل تركيا وسوريا، ولذلك اضطرت الوزارة إلى سحب المياه من بحيرة الحبانية لتعزيز الحصص المائية في محافظات الوسط والجنوب.

وأسهم تراجع الأمطار وارتفاع درجات الحرارة في انخفاض المنسوب المتأثر أيضا بتراجع نهر الفرات الذي ينبع من تركيا ويعبر في سوريا ويغذي البحيرة، فيما يعيش العراق عامه الرابع من الجفاف، ويعد من الدول الخمس الأكثر تأثرا بتداعيات التغير المناخي، بحسب الأمم المتحدة.

وكان المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك حذر، في زيارته إلى العراق الأسبوع الماضي، من أن ما تشهده البلاد من جفاف وارتفاع في درجات الحرارة هو بمثابة إنذار للعالم أجمع.

وإلى جنوب العراق، فقد تراجعت مناسيب المياه في الأهوار، لتشهد جفافاًلم يُسجَّل قطّ في تاريخها، بحسب ما يفيد ناشطون ومنظمات محلية، ما يجعل ذلك الحياة مستحيلة في تلك المنطقة، فكانت هجرة غير اعتيادية للعراقيين من الأهوارفي اتّجاه مراكز المدن بمحافظات البصرة وميسان وذي قار، في حين تقرّ السلطات العراقية بأنّ المخزون المائي تراجع إلى مستويات "خطرة"، وصار الوضع المائي المأزوم في العراقمهدّداً الحياة.

وخلال الفترة الماضية، زارت وفود من منظمات المجتمع المدني وناشطون في مجالات المياه والبيئة وحقوق الإنسان جنوبي العراق، وكشفت عن كارثة بيئية غير مسبوقة وسط تراجع حاد في مناسيب المياه، الأمر الذي يظهر "موت" أبرز الأهوار العراقية، وهو هور الحويزةالواقع ما بين محافظتَي ميسان والبصرة.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن المتحدّث باسم وزارة الموارد المائية العراقية خالد شمال قوله، إنّ "الأرقام المسجلة في الخزانات العراقية هي الأدنى في تاريخ الدولة العراقية، وإنّ أبرز الأسباب التي تقف وراء هذا التراجع هو قلة الإيرادات المائية من دول الجوار، وتحديداً تركيا وإيران وسورية، نتيجة عدم توقيع اتفاقية مع هذه الدول تحفظ حقوقنا التاريخية في نهرَي دجلة والفرات".

ووصف العراقي الوضع في أهوار العراق بأنه "مأساوي"، مذكّراً بأنّ الحكومة كانت قد وعدت بالاهتمام بهذا الملف، بالإضافة إلى تخصيص مبالغ مالية من أجل دعم الشرائح المتضرّرة، لكنّها لم تنفّذ أياً من وعودها.

وتسعى وزارة الثقافة والسياحة والآثار،إلى تحسين واقع القطاع السياحيفي البلاد، عبر مشاريع وخطط جديدة، تحظى غالبيتها بالدعم الحكومي، وفقاً لمسؤولين، إلا أن مشاكل كثيرة تعصف بعموم المناطق السياحية، بينها الجفاف والتصحر الذي زحف أخيراً إلى تلك المناطق.

وأعلنت الوزارة، في تموز الماضي، عن تبنيها مشروعاً واعداً لجذب السيّاح إلى البلاد والذين شهدت أعدادهم زيادة، عقب احتضانها بطولة خليجي 25، مطلع 2023، مؤكدة أنّ التأشيرة الإلكترونية التي ستصدر قريباً ستسهل دخولهم لها، للتمتع بتنوع أجوائه التاريخية والدينية والثقافية.

وذكر وزير الثقافة أحمد فكاك البدراني، في تصريحات له نقلتها وسائل إعلام محلية أن "الوزارة تعمل على مشروع واعد لجذب السياح إلى العراق"، مبينا أن "أعداد السيّاح شهدت زيادة عقب بطولة خليجي 25 التي احتضنتها البصرة خلال شهر كانون الثاني الماضي، وما لقيه ضيوف العراق في المحافظة حينها من حفاوة وكرم الضيافة وحسن الاستقبال".

وأضاف البدراني، أن "المشروع الذي تبنته الوزارة سيدعمه استقرار الوضع الأمني للبلاد وسهولة التنقل بين محافظاتها، إضافة إلى التأشيرة الإلكترونية التي ستُطلق خلال الأيام المقبلة والتي ستصبح مؤشراً آخر لسهولة الحصول على فيزا الدخول إلى العراق، كما أن أجهزة الوزارة المختصة تعمل حالياً على المقارنة بين الدخول بالفيزا الإلكترونية والتأشيرة المعمول بها حالياً".

وأكمل أنّ "أكثر المحافظات جذباً للسائحين هي محافظة بابل وآثارها الشهيرة، ومحافظة ذي قار لاحتوائها على آثار مدينة أور وزقورتها التاريخية، وكذلك بيت نبي الله إبراهيم، الذي تقصده أعداد كبيرة من الحجاج سنوياً، لأهميته الكبيرة للديانات الإبراهيمية الثلاث، فضلاً عن الأعداد الكبيرة التي تزور الأضرحة المقدسة في النجف الأشرف وكربلاء المقدسة، علاوة على السياحة في الأهوار، وزيارة آثار خورسباد والنمرود والحضر بمحافظة نينوى".

ويُعد العراق، أحد أكثر البلدان العربية من حيث تنوع المناطق السياحية والأثرية، حيث تتوفر عشرات المناطق السياحية والجميلة، تمتد من أقصى مناطق شمال البلاد إلى جنوبها، لكن الحروب والأزمات الأمنية المتلاحقة منذ عقود، أدت إلى إهمال الملف السياحي على المستوى الحكومي المسؤول، في حين بقي العراقيون يترددون عليها رغم الظروف الصعبة، وشهدت خلال العامين الماضيين عودة تدريجية للسياحة الأجنبية لمعظم المناطق العراقية.

وتتنوع أشكال المناطق الجميلة في العراق، إذ إن الطبيعة الخاصة بإقليم كردستان، شمال العراق، أنتجت حدائق وسفوحا جبلية خلابة إضافة إلى الأنهر والشلالات، فيما تتواجد في مناطق الوسط محطات تاريخية مختلفة، ومنها ما تركه الحكم العباسي وغيره، إضافة إلى المتاحف، في وقت لمناطق جنوب العراق طعم خاص، حيث الأرياف الفسيحة والأهوار المائية إضافة إلى بقع تاريخية تعود إلى العصور السومرية والبابلية.

تجدر الإشارة إلى أنّ منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) وبرنامج الأغذية العالمي أعلنا في وقت سابق أنّ العراق من أكثر دول العالم تأثّراً بتغيّر المناخ، ما يعني أنّ الزراعة في البلاد قد تكون عرضة لأجواء متطرّفة صيفاً وشتاءً، والأمر يستدعي مواجهة تبعات الأزمة.


 
 

نشرت هذه المادة الصحفية بدعم من صندوق الأمم المتحدة للديمقراطية UNDEF ومؤسسة صحفيون من أجل حقوق الإنسان jhr