منصات التواصل الاجتماعي

كيف أثرت جائحة كورونا على نساء العراق؟

تقرير..

  • 24-08-2022, 18:53
  • العراق
  • 770 مشاهدة
+A -A

نوارة العقابي- بغداد

" اعتاد زوجي ان يضربني يوماً تلو الآخر بسبب او بدونه سيما بعد ان توقفه عن العمل في المطعم اثناء كورونا، حتى جاء في احد الايام وضربني بشدة حتى فقدت بعضً من اسناني، وكان وجهي ويدي كلها كدمات وتشوهات استمرعلاجها شهوراً في المستشفى"، "غالباً ما يعاملني زوجي كـ(كيس ملاكمة) يفرغ غضبه بجسدي ضرباً ".

هكذا قالت زهراء "اسم مستعار" شابة (33 عاما) من بغداد / الشعلة لـ(JHR) عن العنف الذي تعرّضت له على يد زوجها الذي جعل من حياتها جحيماً أدى بها الى محاولة الانتحار مرتان رغم أن زوجهما لم يتجاوز الخمس سنوات.

تتكرر القصص بشكل مختلف في العراق جراء العنف القائم على النوع الاجتماعي، وهو من اكبر التحديات التي تعاني من صعوبة حلها او تقليل نسب حدوثها ازاء نساء العراق.

أثرت جائحة كوفيد-19 على جميع مستويات الشعب العراقي سياسياً واقتصادياً ،إلا ان أثره على الأسرة كان اكبر؛حيث أجبر تفشي الوباء في العراق الحكومة بفرض حظر التجوال، وإغلاق دور السينما، الجامعات، المتنزهات والملاعب كافة وغيرها من المرافق العامة، التي كانت حاسمة للحد من تأثير المرض إلا انها كانت مدمرة للنساء والفتيات اللائي يعشن في خطر العنف، إذ أشارت التقارير العالمية والإقليمية زيادة في حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي أثناء تفشي الوباء، وخاصة العنف المنزلي ،حيث سجل نظام إدارة معلومات العنف القائم على النوع الإجتماعي  (GBVIMS) إرتفاعًا ملحوظًا في عدد حوادث العنف المبلغ عنها في عام 2020،  وشكل العنف المنزلي أكثر من ثلاثة أرباع جميع حوادث العنف القائم على النوع الاجتماعي المبلغ عنها. 

إحصاءات ودراسات عن حالات العنف الاسري اثناء كورونا

على الرغم من ضعف القاعدة المعلوماتية وندرة البيانات التي توثق حالات العنف غير أن هناك العديد من الأدلة والتقارير التي تفيد بتصاعد العنف الأسري في العراق خلال أزمة كورونا.

وقد أشار مركز المعلومات العراقي (IIC) الذي يديره مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع منذ خمس سنوات إلى زيادة بلغت نسبتها 44 % من عدد البلاغات الخاصة بحوادث العنف المبني على النوع الإجتماعي التي يتلقاها المركز و94 % من الحوادث التي أُبلغ عنها تتعلق بالعنف الأسري حيث يكون الزوج أو أحد أفراد الأسرة مصدراً للعنف.

وأشار التقرير الذي صدر عن دائرة تمكين المرأة وصندوق الأمم المتحدة للسكان حول أثر الأزمة الوبائية الراهنة في زيادة حوادث العنف المبني على النوع الإجتماعي الى الإبلاغ عن 123حالة انتحار أو محاولة انتحار مرتبط بالعنف المبني على النوع الاجتماعي، وكان العدد الاكبر من البلاغات قد سجل في محافظات نينوى، وديالى، وكركوك.

وأُبلغ عن 62 حالة حرمت فيها الأسر النساء والفتيات خلال الحجر الصحي من الوصول الى المرافق الصحية؛ بسبب الإعراف الاجتماعية لاسيما في ديالى، ودهوك، وكركوك، وأربيل، وهو نمط جديد من انماط العنف التي استحدثت خلال جائحة كورونا.

وذكر تقرير الباروميتر العربي في عام 2020 إلى أن (50%) من ضحايا العنف الأسري العراقي يلجأون إلى قريبات لهن للايواء، و (18%) لاقارب ذكور، مع (6%) فقط من الحالات تتم اللجوء فيها إلى الشرطة المجتمعية والمحلية.

وفي تصريح للمتحدث الرسمي باسم الداخلية العراقية اللواء سعد معن اعلن عن تسجيل5292 حالة عنف أسري في العاصمة بغداد وبقية محافظات البلاد في عام 2021.

كما سجلت وزارة الداخلية العراقية 15 ألف حالة عنف منزلي للعام 2020 فيما سجلت الوزارة 17 ألف حالة عنف أسري في عام 2017 حيث تحتل اعتداءات الرجال على زوجاتهم الأغلبية من الحالات المسجلة بواقع 9 آلاف حالة. وفي نفس الإطار كشف مجلس القضاء الأعلى عن 17 ألف حالة عنف أسري في عام 2019.

وشهدت حالات الانتحار أيضا ارتفاعا، حسب السلطات العراقية التي سجلت أكثر من 700 حالة انتحار خلال 2021 بارتفاع 100 حالة، شكلت فئة ما دون العشرين عاما قرابة 37 في المئة من المجموع الكلي، فيما جاءت أعداد الإناث المنتحرات في تلك الإحصائية بـ44 في المئة.

وفي دراسة اجرتها الباحثة اسماء جميل نشرت في مركز البيان للتخطيط والتطوير عن العنف الاسري في العراق في ظل تداعيات أزمة كورونا اوضح جدولاً فيها عدد حالات العنف الاسري المبلغ عنها في مديرية الحماية الاسرية خلال الـستة اشهر من عام 2017 ومقارنتها بعدد الحالات خلال الـستة اشهر الاولى من عام 2020.

الإعتداء

عدد الإعتداءات خلال ستة اشهر من عام 2017

عدد الإعتداءات خلال ستة اشهر من عام 2020

الفرق في عدد الحالات خلال  ستة اشهرللأعوام 2017و2020

إعتداء الزوج على الزوجة

3277

3637

+365

إعتداء الزوجة على الزوج

655

453

-202

الإعتداء بين الاخوة والاخوات

507

402

-105

إعتداء الآباء على الأبناء

135

183

+48

إعتداء الأبناء على الآباء

792

617

-175

آخرى

897

-

-

المجموع

5361

5311

-50 حالة


 تكشف الأرقام السابقة عن اتجاهات العنف ومساراته خلال أزمة كورونا، ومن ناحية آخرى فأن هذه الارقام لاتعبرعن الواقع الحقيقي لحجم المشكلة، وإنما عن الحالات المبلغ عنها فقط؛وبالتالي فهي ترتبط بسلوك الإبلاغ وبالطريقة التي تصنف فيها حوادث العنف، ومع ذلك فأن المشكلة الأساسية فيما يتعلف بالعنف الاسري ترتبط بطبيعة الإعتداءات نفسها التي تعكس تطوراً خطيراً في انماطه وشدته وتعبر عن تصدعات كبيرة في العلاقات وانهيار للروابط التي لطالما كانت تحمي حياة الآخرين.

القانون العراقي يشرعن العنف 

مازال العراق يفتقر الى قانون يمنع العنف الأسري رغم استمرار ارتفاع معدلاته، حيث صوتت الحكومة العراقية في شهر أغسطس من عام 2020، على مسودة مشروع قانون الحماية من العنف الأسري، إلا انه لا يزال ينتظر المصادقة في مجلس النواب وسط تجاذبات حادة حوله تشريعيا و سياسيا.

وبهذا الشأن يقول المحامي علي هادي في تصريح لـ((JHR إن "اسباب ارتفاع حالات العنف المنزلي عديدة منها البطالة وتعاطي الكحول والمخدرات  والعقلية العشائرية والذكورية،فضلاً عن جائحة كورونا التي فرضت على الرجال الجلوس في منازلهم دون مردود مادي والذي أسهم في زيادة الاجهاد والتوتر ضمن افراد العائلة، وهو مسبب اساس للكثير من حوادث العنف المجتمعي حالياً "

ويرى هادي ان "غياب قانون لمكافحة العنف الأسري، ساهم في اتساع المشكلة، رغم ان مجلس الوزراء العراقي أقر في تشرين الأول/اكتوبر 2020 تحت الضغط الشعبي، مشروع قانون "مناهضة العنف الأسري" ومرّره إلى البرلمان، لكنه لم يشرّع حتى الآن بسبب معارضته من قبل قوى الإسلام السياسي التي ترى أن في القانون مخالفة للشريعة الإسلامية".

ونوه هادي الى "وجود  ثغرات في القانون العراقي يفلت من خلالها مرتكبو العنف الأسري، ومن ذلك المادة 398 التي تسمح لمرتكب جريمة الاغتصاب بالإفلات من العقوبة مقابل الزواج من الضحية (المغتصبة)، وغالباً ما يتم الزاوج نتيجة الإكراه والضغوط من قبل عائلة الضحية والمجتمع".

يذكر أن المادة (41) من قانون العقوبات العراقي تنص على أن: "لا جريمة إذا وقع الفعل (الضرب) استعمالا لحق مقرر بمقتضى القانون ويعتبر استعمالا للحق، تأديب الزوج لزوجته وتأديب الآباء والمعلمين ومن في حكمهم الأولاد القصر في حدود ما هو مقرر شرعا أو قانونا أو عرفا".

نساء تحت مشرط العادات والتقاليد...الصمت مفتاح الفرج

تستمر مطالبات الناشطات المدنيات والمدافعات عن حقوق المرأة منذ تفشي وباء كورونا ولغاية الآن بالإسراع بسن قانون العنف الاسري، ففي إبريل/ نيسان 2020، طالبت ممثلات المرأة العراقية في البرلمان والحكومة، في بيان مشترك بضرورة سن القانون بعد استشراء الظاهرة مع فرض قيود في البلاد لاحتواء فيروس كورونا.

وبهذا الشان تقول الناشطة المدنية وفاء موفق في تصريح لـ(JHR:" شاركت بأغلب التظاهرات التي تطالب بسن قانون العنف الاسري، ولازلنا نطالب ونذكر الرأي العام بضرورته لكن المقلق بأن اغلب المُعنفات لا يفصحن عن تعرضهن إلى التعنيف على يد الأزواج أو الأخوة وذلك لعدم وضوح إجراءات السلطات المختصة فليس هناك مؤسسات رعاية خاصة بهذه الحالات تلجأ إليها المرأة المعنفة، فضلاً عن أن غالب هذه الحالات تكون في مجتمعات عشائرية لا تقبل فكرة مبيت المرأة خارج بيت الأسرة، الأمر الذي ولَدَ ضغطا اجتماعيا مضاعفا على المرأة لعدم الإفصاح عما تعانيه فغالباً ما تصمت او تلجأ للانتحار جراء العنف الشديد".


تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.