منصات التواصل الاجتماعي

"ملجأ الانسان".. كيف يتفاعل البشر مع الموسيقى؟

اللغة الوحيدة التي لا تحتاج الى ترجمة

  • 21-03-2021, 06:47
  • العالم
  • 1 139 مشاهدة
+A -A

في الغالب عندما نستمع لقطعة موسيقية معينة فأننا على الارجح لا نعرف ما الذي تعنيه هذه الانغام المتصلة  مع بعضها البعض لكننا في الوقت ذاته ننسجم معها كليا و نتفاعل معها جسديا كذلك و على حد تعبير" نيتشة": نحن نستمع للموسيقى  بعضلاتنا.

هل  تحتاج الموسيقى الى ان نفهمها اساسا؟

يقول طبيب الاعصاب البريطاني اوليفر ساكس ان "فهم منشأ الموسيقى ليس سهلا الى هذا الحد" , مشيرا الى عالم النفس المعرفي ستيفن بينكر الذي شبه الموسيقى "بفطيرة جبن سمعية" ثم يسأل أي فائدة يمكن ان تكون بأنفاق الوقت و الطاقة لأحداث ضجة؟ بالنسبة للسبب والنتيجة البيولوجيين تعتبر الموسيقى عديمة النفع يمكن لها ان تختفي من نوعنا وسيبقى اسلوب حياتنا فعلآ كما هو " وهو لا يعتقد  ان الموسيقى او أي من الفنون الاخرى عبارة عن تكيفات تطورية مباشرة.

يرفض "كورت زاكس" كل النظريات حول نشأة الموسيقى، التي تنادي بأن الانسان الاول توصل الى الموسيقى بمحاكاة تغريد الطيور او انه غنى ليدخل السرور على نفسه وعلى قلب الجنس الاخر ويرى انه على من يريد ان يعرف اصل الموسيقى ونشاتها الاولى عليه ان يقرأها  في البقايا المتحجرة في حياة البدائيين .


الارتباط العاطفي 

ان الميزة الاهم في الموسيقى هي ان ارتباطنا بها عاطفيا ,هي  عبارة عن الشرر الذي يحدث من خلاله الحريق , نبكي ونشعر بالإثارة والحماس من خلال اللحن, وتعاودنا فكرة الحنين الى الماضي و الشعور بالوحدة من خلال الموسيقى و اللحن ايضا على الرغم من ان اللحن ليس كلمة مكتوبة ولا صورة فوتوغرافية تذكرنا بمكان ما. كما يكتب شوبنهاور  ان"عمق الموسيقى الذي يفوق الوصف هو سهل الفهم جدا لكن تفسيره متعذر للغاية وهذا بسبب حقيقة ان الموسيقى تولد كل عواطف وجودنا الاعمق ولكن من دون حقيقة كليا تظهر الموسيقى فقط جوهر الحياة وجوهر احداثها ولكن ليس "الحياة" الحياة نفسها ولا احداثها "

الفنان المتفوق على أقرانه 

جميع الفنون قادرة على ان تعبر عن مزاج المرء , تعكس اللوحة المرسومة واللون عما هو موجود في داخل الرسام , الكاتب ايضا قادر على ان يحول شعوره الى حروف وكلمات , غير ان الموسيقى اداة تعبير جبارة للموسيقي نفسه وللمستمع في نفس الوقت . نحن احيانا لا نرى ما يراه الرسام , وقد نخطأ في تفسير كلمات الكاتب , لكننا فعليا نندمج مع اللحن ويصل الينا من غير ضرورة فعليه للشرح .

يعتقد ارسطو ان مؤلف الموسيقى يكون جديراً ومتفوق  على أي فنان من خلال تعبيره عن انفعالات الانسان لا القدرة "التعبيرية" للأنغام الموسيقية اعظم منها في الألوان.

اينشتاين يعزف "لحن الفيزياء"

ويعبر زهير الجزائري في كتابه الموسيقى والشعر عن جزئية مهمه جدا وهي عن مدى ارتباط الموسيقى الجدية بالفنون الاخرى يقول" الموسيقى الجدية شانها شأن الشعر ذات صلة وثيقة بمصادر الوعي الاخرى كالفن والادب والفلسفة والعلم "

قليلا ما اشار فرويد في مؤلفاته الى الموسيقى وتأثيراتها على النفس البشرية ,ويعتقد السيكولوجيين ان فرويد بتجاهله الموسيقى فانه يدافع عن مذهب التحليل النفسي الذي اخترعه بنفسه , ولكي لا يكون تأثير الموسيقى العلاجي على النفس البشرية اشد فعالية من التحليل النفسي .

في المقابل وعلى عكس فرويد هنالك روادا اخرين من مذهب التحليل النفسي تعمقوا في دراسة الموسيقى وتأثيراتها , وابرزهم العالم ماكس غراف الذي يشير الى ان شخصية الموسيقي تتجلى في اعماله الموسيقية وان المستمع يستقبل اللحن بشكل استسلامي أي ان الموسيقى تقود تياره النفسي الى حيث تشاء.

الموسيقى تتكفل 

شخص اخر يؤكد على ضرورة الموسيقى في كشف اسرار النفس وهو العالم ثيودور ريك الذي يقول ان الموسيقى تنقل المشاعر بطريقة اعمق تأثيرا من الكلام واعتبر اللحن صوتا يمثل الجانب الخفي او المجهول في النفس البشرية .

في النهاية تبقى الموسيقى هي القطعة الاخيرة التي لن تكتمل بقية الفنون من دونها 

اذا فالموسيقى حاجة ضرورية وملحة لنا نحن الجنس البشري , ربما يفقد الحزن قيمته من غير لحن مبكي وستخف الحماسة من غير ايقاع ينبض بالحركة والحياة 

ان المرء اذا ما شعر بالسعادة طابت نفسه ان يغني , من الصعب جدا تخيل ان يكون هذا العالم خاليا من الصوت , الموسيقى هي صوت البهجة والحزن في ذات الوقت وهي القيمة الوحيدة التي تتساوى عندها جميع المشاعر ومن دونها بالتأكيد ستكون الحياة غلطة كما قال نيتشة.


من صادق شاهين